مرحبا

لا لجدار العار جدار الذل

ادخل وشارك برايك وقل لا لجدار العار جدار الذل

خدمات الموقع

HELP AQSA

break

الجمعة، 23 أكتوبر 2009

"مساطيل" الأسفلت.. دماء على الطريق

"مساطيل" الأسفلت.. دماء على الطريق

[18:44مكة المكرمة ] [21/10/2009]

نزيف الدماء يزداد بسبب حوادث الطرق

- السائقون: طول الطرق ومجتمعنا الداخلي أهم الأسباب

- د. عماد مخيمر: الالتزام الديني هو الطريق لعلاج هذه الظاهرة

- سعد خليفة: القوانين عندنا بنظام "كل غربال وله شدة"

- سعد العشماوي: تدهور حالة الطرق أخطر وأكثر ضررًا

تحقيق- أحمد أبو زيد:

نحو 60 ألف قتيل وأكثر من 200 ألف مصاب تضحي بهم مصر سنويًّا من رصيد أبنائها؛ نتيجة تدهور مستوى الطرق، وعدم الرقابة الحقيقية على السائقين، أو صلاحية السيارات للسفر، خاصةً على الطرق السريعة.

وزارة الداخلية سارعت لإلقاء المسئولية على السائقين الذين اتهمتهم بتعاطي المواد المخدرة؛ متناسيةً دورها في الرقابة عليهم، وتقديم المتهمين إلى القضاء، ورغم ما تستند إليه الداخلية من نتائج الفحوصات التي أجرتها إدارات المرور، وكشفت عن أن قرابة 60% من السائقين، خاصةً قائدي عربات النقل الثقيل يتعاطون المخدرات، إلا أن النتائج ذاتها تدين الوزارة؛ لأنها تؤكد قاعدة أن من أمن العقوبة أساء الأدب.

وتكشف إحصاءات قطاع التأمين عن أن مصر ضمن قائمة أكبر الدول في ضحايا الحوادث، من حيث معدلات وفيات حوادث السيارات، بمعدل ١٥٦ حالة وفاة لكل ١٠٠ ألف قائد سيارة، وتشير إلى أن ٤٠٪ من حوادث السيارات تحدث بسبب النقل الثقيل، ونحو ٣٨٪ بسبب السيارات الخاصة، لافتةً إلى أن نسبة الوفيات زادت بنسبة ٣٧٪ خلال الفترة من عام ٢٠٠٠ إلى ٢٠٠٨م.

كما زادت نسبة الإصابات خلال الفترة نفسها بنسبة ٦٠٪، وعند ربط هذه الأرقام وأرقام السائقين المتعاطين للمخدرات الذين وصلت نسبتهم إلى 60%؛ ندرك بشكلٍ واضح التكلفة الاقتصادية والبشرية التي تدق ناقوس الخطر، وتدفعنا لمراجعة تدابير مواجهة تلك الظاهرة المقلقة.

(إخوان أون لاين) حاول أن يرصد أهم أسباب ونتائج هذه الظاهرة عن طريق استطلاع رأي أطراف القضية لإيجاد الحلول لمواجهة هذه الكارثة المتجددة.

السائقون

يقول محمد فوزي (سائق على خط مصر إسكندرية): إن السائقين يعانون من مشكلات كثيرة تدفعهم للتعاطي؛ للتغلب على تلك المشكلات، أول تلك المشكلات هي طول ورديات السائقين ما يتطلب سهرهم؛ لذلك يستعينون بالمواد المخدرة، بحجة "أننا منعرفش نركز في السواقة بدونها"، كما أن بعضهم عنده مشاكل اقتصادية وأسرية، يهرب منها بالتعاطي، بالإضافة إلى مشاكل الركاب التي لا تنتهي، والتي تدفع بعض السائقين إلى (ضرب البرشام).

الصورة غير متاحة

مشهد يتكرر بصورة شبه يومية على الطرق السريعة!!

ويضيف السيد الجزار (خط القاهرة فاقوس) هناك نوع من الظلم يقع على السائقين من المرور، وهناك "لخبطة" تحدث أثناء فحص عينات الدم في اللجان؛ حيث يستبدل بعض الضباط عينات الدم الخاصة ببعض السائقين بسائقين آخرين، مقابل مبلغ مالي يدفعه السائق، بل إنه من الممكن استثناء السائق من الفحص إذا دفع مبلغًا أكبر، والرشوة في بعض الأحيان تُطلب في شكل بعض الأقراص المخدرة، أو البانجو أو الحشيش، مؤكدًا أن إدمان السائقين يرجع إلى طبيعة العمل، وخصوصًا أن العمل على الطرق السريعة يحتاج إلى تركيز أكثر، كما يتطلب السهر في بعض الأيام؛ ما يدفع السائق لتعاطي البرشام للتغلب على النوم والإرهاق.

وحول المشكلات التي يؤدي إليها التعاطي، يقول: إن السائق الذي يتعاطى يكون أكثر استعدادًا لافتعال المشاكل مع زملائه، أو الركاب؛ ما يجعله مكروهًا بين زملائه في الموقف.

"حمادة بلبع"

سائق آخر مشهور باسم "حمادة بلبع" كان أحد السائقين الذين جاءت عيناتهم إيجابية للتعاطي، ويحكي قصته، فيقول: إنه كان مطبقًا في العمل منذ يومين، وكان لازم يضرب حبيتين برشام قبل ما يطلع، وهو في الطريق، وكانت الساعة 3 صباحًا، فوجئ بكمين يستوقفه، وطلب منه الضابط رخصته، ورخص السيارة، كما طلب مني أن يدخل غرفة الكمين، وقام بسحب عينة دم منه، ثم قالوا له "امش وإحنا حنطلبك تأخذ الرخص، بعد ما تبان نتيجة العينة"، ويضيف بلبع أنه ذهب لأحد الأمناء، وعرض عليه خمسين جنيهًا مقابل أن يحضر له الرخص، إلا أنه رفض، وقال له إن الضابط لن يوافق، وبعد ساعتين جاءت الشرطة وأخذته إلى النيابة التي حوَّلته للمحكمة، والتي قضت عليه بالحبس 3 شهور، ومن يومها يقول بلبع إنه حرَّم تعاطي أي مخدرات، خاصةً وهو سائق.

"البانجو" القاتل

أما المواطن محمد عبد العزيز، فيتذكر حادثة كان أحد أفرادها، مضيفًا ركبت "ميكروباص" الساعة 1.30 فجرًا، بعد انتظار لأكثر من 3 ساعات، وأثناء رحلتنا نزل السائق من السيارة "وولع سجارة"، اكتشفنا أنها سيجارة "بانجو" من لون دخانها ورائحتها ولما خلصها ركب وتحرك بالسيارة، كان عصبيًّا جدًّا مع الركاب، وقبل أن نصل إلى بركة السبع، انقلبت السيارة بسبب سرعته الجنونية، وعدم قدرته على السيطرة على السيارة، وكان محصلة التعاطي 5 قتلى و9 جرحى.

النقل الثقيل

أما النقل الثقيل فمصيبته أكبر كما يقول سعد رجب (سائق شاحنة نقل من مصر إلى السعودية)، والذي روى لـ(إخوان أون لاين) تجارب بعض السائقين من زملائه، فيقول نحن نعمل 12 ساعة يوميًّا، وكل شاحنة يعمل عليها سائقون، ومعظم الطرق التي نسير عليها طرق سريعة؛ لذلك تتطلب التركيز أثناء القيادة، وغالبًا ما يقوم السائقون بالتغلب على الإجهاد بتعاطي المواد المخدرة، أو البرشام، وأغلب حوادث النقل الثقيل يتسبب فيها تعاطي السائقين للمواد المخدرة، مشيرًا إلى أن اعتماد السائقين على هذه المواد يرجع إلى ضعف الالتزام الديني، وطبيعة المجتمع الذي يتعامل معه السائقون، مضيفًا أن الحكومة يجب أن تعالج قضية التعاطي بأساليب أخرى غير الحبس أو الغرامة؛ لأن هذه العقوبات لن تقضي وحدها على المشكلة.

قيادة المدمن

هذه الكارثة دفعتنا إلى الذهاب لخبراء علم النفس وخبراء الطرق؛ للبحث عن حلول لها تقي مصر من شر مصائب "مساطيل الأسفلت".

الصورة غير متاحة

سعد خليفة

في البداية، يؤكد سعد خليفة (عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين، وعضو لجنة النقل والمواصلات بمجلس الشعب) أن التراخي الأمني أحد أهم عوامل زيادة الحوادث على الطرق، موضحًا أن لجنة النقل في مجلس الشعب ناقشت قضية إدمان السائقين، باعتبارها أحد الأسباب الأساسية للحوادث، فوجدت أن المنظومة القانونية جيدة؛ لكن تطبيق القانون هو المشكلة.

ويضيف خليفة أنه بعد إقرار قانون المرور الجديد، شهدنا تشديدًا أمنيًّا في الأكمنة وإجراء تحاليل للسائقين تمَّ خلالها ضبط إعداد كبيرة منهم يتعاطون المخدرات؛ لكن بعد ذلك اختفت اللجان الأمنية بصورة كبيرة.

وعن دور الأجهزة المدنية في رصد المدمنين، قبل حصولهم على الترخيص، يقول: إن المدمن يتغلب على ذلك من خلال أمرين: الأول هو الامتناع عن التعاطي قبل عمل التحاليل بفترة من الزمن، أو دفع رشوة للحصول على الرخصة، موضحًا أن تفاعلنا مع تنفيذ القانون يتم بصوره وقتية لا تتجاوز يومين أو أكثر، وبعدها يعود الأمر إلى ما كان عليه.

المطبات أخطر

من جانبه، أرجع الدكتور سعد الدين عشماوي الخبير في تنظيم الطرق ارتفاع نسبة الحوادث التي يتسبب فيها السائقون المدمنون إلى سببين رئيسيين:

أولهما: التهاون في منح الترخيص لسائقين غير مؤهلين مهنيًّا وصحيًّا لمهنة القيادة، فيجب على المرور أن يفحص المتقدمين للحصول على رخصة أو تجديدها للكشف عن نسبة المواد المخدرة في الدم، ويتم ذلك بمعرفة المستشفيات الحكومية؛ لكي لا نتيح فرصة للتلاعب والرشاوى.

أما السبب الثاني: فهو عدم صلاحية كثير من السيارات للسير على الطريق، وهناك بالفعل اختبارات؛ لكنها تتم بصورة غير منضبطة، وتدخل فيها الواسطة بصورة كبيرة، هذا- والكلام لعشماوي- فضلاً عن الأمر الأخطر، وهو عدم صلاحية الطرق؛ حيث تساهم المطبات الصناعية العشوائية في زيادة أعداد الحوادث بشكل كبير؛ لذلك يجب على هيئة الطرق إعادة تخطيط مطبات الطرق السريعة.

هواجس الرزق

علماء النفس كان لهم رأي آخر؛ حيث يؤكد الدكتور عماد مخيمر (أستاذ علم النفس) أن أهم أساب التعاطي هي الضغوط الاقتصادية، والعمل المجهد، والخوف على المستقبل غير الآمن، ومرور بعض الأشخاص بتجارب غير مشبعة في مرحلة الطفولة، بالإضافة إلى طبيعة الأسرة والمجتمع التي نشأ فيها السائق (مثل أب مدخن أو مدمن وأسرة مفككة أو الوالدان منفصلان)، إضافةً لدور المجتمع المحيط، وهو مجتمع السائقين الذي تنتشر فيه ثقافة التعاطي.

الصورة غير متاحة

حوادث الطرق تسببت في إزهاق أرواح العديد من الأبرياء

ويوضح أن كل تلك الأسباب مجتمعة أو متفرقة تقود للإدمان، وغالبًا كل تلك الأسباب متوفرة لدى قطاع كبير من السائقين، كما أن غياب الالتزام الديني من أكبر الأسباب التي تدفع إلى الإدمان، مشيرًا إلى أن هناك شخصيات لديها استعداد للاستجابة لتلك الدوافع، وعدم مقاومتها أو بالأحرى اتخاذها كمبرر للتعاطي.

وحول صلاحية السائق المدمن للقيادة أوضح مخيمر أنه يكون عصبيًّا بصورة كبيرة، وأكثر عرضةً لافتعال المشكلات مع الركاب؛ ما يجعل أرواح الركاب مهددة بصورة أكبر لتعرضهم للحوادث.

وعن رؤيته لمواجهة المشكلة يشير د. مخيمر إلى أن الحلول الأمنية ليست كافية وحدها لمواجهة المشكلة، وطالب مؤسسات المجتمع المدني وعموم المجتمع بتنسيق الجهود؛ لمواجهة ظاهرة الإدمان في المجتمع؛ لأن مشكلة إدمان السائقين هي امتداد لانتشار الإدمان في مصر، مطالبًا السلطات بتفعيل دور المؤسسات الدينية في محاربة الإدمان لقدرتها الكبيرة على التأثير في المواطنين.

علاج وعقاب

ويحذِّر الدكتور محمد عبد الظاهر الطيب (أستاذ الصحة النفسية) من خطورة الظاهرة في ظل ارتفاع نسبة السائقين المتعاطين للمخدرات، وطالب بمنع السائق المدمن من قيادة السيارات؛ حتى لو استغنينا عن السيارات وركبنا حميرًا.

وحول رؤيته لمواجهة المشكلة، يقول: لا بد من السير في مسارين المسار العقابي والمسار العلاجي وأي اتجاه للعلاج في مسار واحد هو اتجاه فاشل، ولن يحقق النتائج المرجوة منه، موضحًا أن الإدمان يدمر الجهاز العصبي؛ لذلك يفقد السائق القدرة على التحكم في السيارة التي يقودها؛ ما يجعل الركاب عرضةً للحوادث.

ويرى الطيب أن المجتمع لا بد أن يتكاتف لمواجهة تلك الظاهرة الخطيرة التي تهدد أمنه، وتكلفه تكلفة باهظة؛ سواء اجتماعية أو اقتصادية، لذلك فإن الباحثين المختصين مطالبون بدراسة الظاهرة دراسة علمية، وعلى المؤسسات الدينية أن تقود المجتمع للقضاء على هذه الظاهرة.

http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=55454&SecID=271

0

ليست هناك تعليقات: