مرحبا

لا لجدار العار جدار الذل

ادخل وشارك برايك وقل لا لجدار العار جدار الذل

خدمات الموقع

HELP AQSA

break

الخميس، 26 نوفمبر 2009

بنينا المجلس وتنقصنا الشورى - فهمى هويدى


صحيفة الرؤية الكويتيه الإثنين 6 ذوالحجة 1430 – 23 نوفمبر 2009
بنينا المجلس وتنقصنا الشورى - فهمى هويدى
http://fahmyhoweidy.blogspot.com/2009/11/blog-post_23.html
أصبح لدينا مبنى لمجلس الشورى ينافس مبنى مجلس اللوردات في بريطانيا. لست صاحب هذه الملاحظة، التي وردت على لسان أحد الوزراء في حديثه إلى رئيس مجلس الشورى السيد صفوت الشريف أثناء افتتاح الدورة الجديدة للمجلس. الذي احترق مبناه قبل 15 شهرا، ثم أعيد بناؤه على نحو أثار إعجاب وثناء الجميع، وهو ما سجلته كتابات عدة أشادت بتصميم المبنى وكفاءة تجهيزاته واتساع قاعاته ونسق ديكوراته، وما اتسم به كل ذلك من فخامة ووقار، تجليا بصورة خاصة في بهو معتبر وصف بأنه «مبهر» حمل اسم الرئيس مبارك. لا أستبعد أن يكون المبنى في ثوبه الجديد مناظرا حقا لمجلس اللوردات أو متفوقا عليه. ولا أرى في ذلك فضلا أو ميزة، لأن المجالس النيابية لا تقيم بمبانيها وديكوراتها، وإنما قيمتها الحقيقية تقاس بمقدار ما تؤديه من وظيفة وما تقوم به من دور في حياة المجتمع، إذ لا يخطر على بال أحد من المهتمين بالشأن العام في أي بلد ينسب نفسه إلى الديموقراطية أن يسأل عن قاعات وطوابق وأثاث أي مجلس نيابي، إنما الذي يهم الناس في نهاية المطاف هو المهمة التي يقوم بها المجلس، وما إذا كان تعبيرا عن المجتمع أو جزءا من الديكور الديموقراطي. حين قرأت قصائد الغزل التي دبجها البعض في مديح المبنى الجديد قلت على الفور، إننا بنينا المجلس وتنقصنا الشورى. ذلك أن إنجاز البناء شيء جيد يحسب لشركة المقاولات ومهندس الديكور، لكن الأجود أن يكون للمجلس دور مفيد في حياة الناس. وهذا هو الشق الصعب الذي لا يستطيع أن ينهض به، فضلا عن أنه لا أحد في السلطة معني به، وربما كان السيد صفوت الشريف رئيس المجلس هو الوحيد الذي حرص على أن يجد عملا للمجلس، ذلك أنه نجح في أن يأتي له ببعض الاختصاصات. التي حولته من مجرد منظر وقطعة ديكور في المشهد السياسي، إلى فريق انضم إلى الجوقة التي تتحرك فوق المسرح، وزاد من أعداد مؤيدي الحكومة والمهللين لها. فقد كان رأي المجلس استشاريا فيما يعرض عليه حتى سنة 2007، ولم يكن له دور يتجاوز حدود الثرثرة السياسية التي لا يعتد بها ولا تؤخذ على محمل الجد. وعندما تولى السيد صفوت الشريف رئاسته في سنة 2004 فإنه سعى لأن يجد له دورا يحسن من صورته الشخصية كرجل فاعل ونشيط ويحسن من صورة المجلس الذي اعتبر شيئا كماليا لا يضيف ولا ينقص. وأثمرت مساعيه، إذ نصت التعديلات الدستورية التي اجريت سنة 2007 على وجوب عرض بعض القوانين على المجلس. وعلى حق أعضائه في الحوار مع الحكومة من خلال طلبات المناقشة وإبداء الرغبات، دون أن يذهبوا إلى حد مساءلة الوزراء أو استجوابهم. إلى غير ذلك من الصلاحيات التي توحي بأن له وظيفة مهمة في البلد، وإن كان سقفها وحدودها معروفين، باعتبار أن المجلس تحت السيطرة بالكامل، نظرا للأغلبية الساحقة التي يتمتع بها الحزب الوطني الحاكم فيه، إضافة إلى أن ثلث المجلس الذي يضم 264 عضوا من المعينين المرضي عنهم.المشكلة أكبر من مجلس الشورى وصلاحياته المحددة، لأن نظامنا السياسي يرفض المشاركة والمساءلة من الأساس. ويعتبر غياب دوره وضعا مريحا ومثاليا. وذلك أوضح ما يكون في مجلس الأمة، الذي يفترض من الناحية القانونية أنه الممثل الحقيقي للمجتمع (المعينون فيه عشرة من بين 454 عضوا)، فضلا عن أنه يعول عليه في إصدار التشريعات والرقابة على السلطة التنفيذية. لكنه من الناحية العملية يتحرك في مساحة لا تجاوز كثيرا حدود ما هو متاح لمجلس الشورى. إذ هو مجلس للتمرير والتأييد بأكثر منه للتشريع أو الرقابة. والقاسم المشترك الأعظم بين المجلسين أنهما من نماذج الفصل بين الأشكال والوظائف في بعض دول العالم الثالث، التي تحرص على توفير جميع متطلبات الشكل الديموقراطي من تجهيزات ومبان. في حين لا تسمح بشيء يتصل بأداء الوظائف وترسيح القيم والمعاني. مبروك علينا «العمارة» ومقارعة مبنى مجلس اللوردات، لكن ذلك الإنجاز يظل وساما على صدر شركة «المقاولون العرب»، لا شأن له بالشورى أو الديموقراطية. ونرجو أن يطول بنا العمر حتى نرى لشاغلي العمارة دورا في الشورى.

ليست هناك تعليقات: