مرحبا

لا لجدار العار جدار الذل

ادخل وشارك برايك وقل لا لجدار العار جدار الذل

خدمات الموقع

HELP AQSA

break

الاثنين، 9 نوفمبر 2009

حقائق المشهد في صعدة اليمنيَّة

حقائق المشهد في صعدة اليمنيَّة

[22:20مكة المكرمة ] [08/11/2009]

اشتعال المواجهات بين الجيش اليمني والحوثيين في صعدة

كتب- عبد العظيم الأنصاري:

مرَّ المشهد المأزوم في مدينة صعدة، شمال اليمن، بالعديد من التَّطوُّرات الفارِقة في الفترة السَّابقة، عَكَسَتْ هذه التطورات بعض الحقائق عن حقيقة المشهد، سواءً في صعدة أو على مستوى خلفيَّاته الإقليميَّة والدَّوليَّة، وخصوصًا فيما يتعلَّق بالدَّور الإيرانيِّ والسَّعوديِّ في الأزمة، والذي انكشف جليًّا، بعدما تأكد تدخُّل السَّعوديَّة مباشرةً في القتال الدائر في منطقة جبل دخان، بواسطة سلاحها الجويِّ وعناصر المشاة التابعة لقواتها البرِّيَّة.

التَّطوُّرات الميدانيَّة لا تبشِّر بخير، وتشيرُ إلى مزيد من التَّصعيد، مع تحصين الحوثيِّين لأنفسهم جيِّدًا، وحسن تسليحهم وتدريبهم؛ حيث أكَّد الحوثيُّون أنَّهم قد صدُّوا الهجوم البريِّ السعوديِّ الذي وقع في منطقة جبل دخان ومناطق حدوديَّة أخرى، ونجحوا أيضًا في أسر عدد من الجنود السَّعوديِّين، بحسب ما أكده محمد عبد السلام المتحدث باسم جماعة الحوثي، الذي قال أيضًا إنَّ جماعته استولت على عتاد وذخائرِ سعوديَّة الهُويَّة.

إنَّ المعركة لن تكون سهلةً؛ وقالت السلطات السعودية إنها سوف تواصل عملياتها داخل وعلى الحدود اليمنية "لحين اكتمال تطهير كافَّة المواقع داخل الأراضي السعوديَّة من أيِّ عنصر مُعادٍ، مع اتِّخاذ التَّدابير الَّلازمة للحدِّ من تكرار ذلك مستقبلاً"، بحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السَّعوديَّة الرَّسميَّة.

وبعيدًا عن التَّطوُّرات الميدانيَّة، والتي كان آخرها سقوط مقاتلة يمنية من طراز سوخوي، وهي- كما قلنا- مُرشَّحةٌ للتَّصاعُد، مع تعهُّد الرَّئيسِ اليمني علي عبد الله صالح بمواصلة القتال لحين اجتثاث الحوثيِّين، فإنَّ هناك العديد من الدَّلالات السياسية وراء ما يجري في هذه المنطقة شديدة الحساسية بالنسبة للأمن القومي العربي.

قوةٌ ضاربةٌ

أول هذه الدلالات، ظهور الحوثيين كقوة ضاربة استطاعت الصمود أمام الجيش اليمني لتتسلل إلى المملكة العربية السعودية، وهو ما استدعى الأخيرة للتدخل للتَّصدي لـ"التهديد الحوثي"؛ حيث قامت قوات المملكة بقصف المواقع التي تمركز فيها المتمردون الحوثيون في جبل دخان الذي يطل على مواقع عسكرية سعودية ومواقع يمنية في الجهة المقابلة، وشنِّ عدد من الغارات على مواقع مختلفة للحوثيين؛ وذلك- كما قالت الرياض- ردًّا على تسللهم إلى أراضيها وقتل جنديين وإصابة آخرين.

كما أنَّه في الجهة المقابلة، فإنَّ خطورة المرحلة القادمة في أزمة الحوثيين، ليست على طرفٍ واحد، بل على كلٍّ من اليمن والسعودية، فالجيش اليمني الذي يساوي في عدده تقريبًا الجيش السعودي يخوض الحرب ضد الحوثيين منذ العام 2004م، من دون تحقيق انتصار حاسم وواضح.

أمَّا الجيش السعودي، فبالرَّغم من أنَّه مُجهزٌ بالعتاد بصورة أفضل كثيرًا من الجيش اليمني، إلا أنَّ الرياض لا تبدو واثقةً إلى هذا الحدِّ من تحقيق "النَّصر"؛ حيث أخلت القرى الحدودية مع اليمن، وجهزت للأهالي أماكن أخرى لحمايتهم؛ وذلك استعدادًا فيما يبدو لخوض حرب طويلة، لنْ تُحْسَم بسهولة لصالح أيٍّ من الأطراف المُتحاربة.

توافقٌ نادرٌ!!

أظهرت الأزمة أيضًا وجود بعض أشكال التَّوافُق اليمني السعودي، وهو وضعٌ نادرٌ؛ حيث العلاقات ما بين البلدَيْن ما فتئت تتوتر كل حين منذ استقلال شمال اليمن في الستينيات الماضية، ولكن الأزمة الحالية جعلت السعودية هي الحليف الأول للحكومة اليمنية بعد الولايات المتحدة.

في المُقابل يتهم النِّظام اليمني الحوثيِّين بتلقي دعم إيراني، وما كان في السَّابق مجرد اتهامات يمنيَّة لأطراف داخل إيران بالتَّورُّط في دعم تمرد الحوثي، تحول الآن- بحسب الحكومة اليمنية- إلى حقائق تثبِّتُها قرائن وأدلة؛ حيث عثر الجيش اليمني على وثائق تحمل اسم (يمن خوش بخت)، وهي عبارةٌ فارسيةٌ تعني بالعربية "اليمن السَّعيد".

وبحسب مصادر الجيش اليمني، فإنَّ هذه الوثيقة تتحدَّث عن عتاد ورجال وأموال وخبرات يجري تصديرها إلى المُقاتلين الحوثيِّين، بالإضافة إلى التَّدريب على الدَّعاية والتَّعبئة الجماهيريَّة، ويهدف كل هذا إلى تقسيم اليمن إلى دولتَيْن خاضعتَيْن بشكل أو بآخر للنُّفوذ الإيراني، بالاستناد إلى معلومات نُقِلَت عن مصادر في الجيش اليمني، وإلى معلومات أخرى عن المُعارضة الإريتريَّة تُفيد بأنَّ إيران تُدرِّب ميليشيات الحوثيِّين في إريتريا.

صراعٌ إقليميٌّ

التحول إلى الأقلمة، صار هو العلامة الثالثة للأزمة في صعدة؛ حيث تتحوَّل أزمة تمرد الحوثي من أزمة يمنية داخلية إلى جزءٍ من سلسلة الصراع الإقليمي بين إيران وبعض الأطراف العربية، المُصنَّفة ضمن ما يُعْرَفُ بمحور الاعتدال، مثل السعودية ومصر.

وتتزايد تأكيدات صحة هذا الطَّرح كلما تدحرجت الأزمة، تمامًا مثل كرة الثلج التي تكبر كلما تدحرجت إلى سفح الجبل؛ حيث بدأت الأزمة باتهامات يمنية مُتواصلة لـ"أطراف" في إيران بالتورط في الأزمة ودعم الحوثيين، وصولاً إلى ضبط أدلَّة على هذه الاتِّهامات، مرورًا بإعلان اليمن إغلاق المستشفى الإيرانيِّ بصنعاء بتهمة تمويل الحوثيِّين، بالإضافةِ إلى الَّلهجة الإعلاميَّة الهجوميَّة في وسائل الإعلام السَّعوديَّة والمصريَّة على إيران.

ووصل الأمر إلى درجة وقف بث قناة (العالم) الإخباريَّة الإيرانيَّة على القمرَيْن الصِّناعيَيْن، "النَّايل سات" و"العرب سات"، وتُبثُّ القناة حاليًّا من خلال موقعها الإلكترونيِّ.

ويرى بعض المراقبين أنَّ ما يُشير إلى وجود علاقة بين إيران والحوثيِّين، عروض طهران ذاتها للتَّوسُّط في الأزمة الحوثيَّة بين الحكومة اليمنية والحوثيِّين، والحديث كذلك عن وجود دور وساطة قطريَّة- سوريَّة بين كلٍّ من صنعاء وطهران؛ حيث قام أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثانِ، ووزير الخارجيَّة السُّوريُّ وليد المعلِّم بزيارة طهران مًؤخَّرًا لهذا الغرض.

بالإضافة طبعًا إلى اتِّهام الحوثيِّين للسَّعوديَّة بدعم حكومة صنعاء، مقابل اتِّهام صنعاء لجهات إيرانيَّة بدعم الحوثيِّين.

الموقف الأمريكي

تتخوَّف الولايات المتحدة من الاضطرابات الواقعة على الحدود اليمنيَّة- السَّعوديَّة، من أكثر من مُنطلَق؛ المنطلَق الأوَّل هو تورُّط أكبر دولة مُصدِّرة للنفط في العالم في حربٍ لن تجني سوى الخراب، ولذلك لا تُؤيِّد- للغرابة- الولايات المتحدة توغلاً سعوديًّا أكبر في الأزمة، لكن من غير المُرجَّح أنْ تعترض بشدَّة إذا أوضح اليمن أنَّه يُرحِّب بمساعدة الجيش السَّعوديِّ في مواجهة المُتمردين في الشَّمال.

المنطلَق الثاني هو وجود الظَّلال الإيرانيَّة في الأمر، وهو أمرٌ يثير الجنون الأمريكي، ولا يجعل لها من أمل في احتواء الأزمة سوى الاعتماد على تقديم المزيد من الدعم الُّلوجستي والمعلوماتي للنِّظام اليمني.

لكن المثير للانتباه هو أنَّ الولايات المتحدة التي نفذَّت أكثر من عمليَّة ناجحة في صحراء اليمن وأحراش الصومال وجبال أفغانستان لقنص العديد من قيادات تنظيم القاعدة، ورموز معارضة للولايات المتحدة، بناءً على معلومات مخابراتيَّة من على الأرض، لم تقدِّم ما يفي باحتياجات اليمن في الجانب المخابراتي على الأرض، بما يشير إلى أنَّ هناك مصلحةً أمريكيَّةً ما في استمرار الأزمة.

ومن خلال ما سبق، وخصوصًا في ظل وجود سعودي مباشر في الأزمة، وأحاديث عن دَور إيرانيّ، يمكن تأكيد استمرار أزمة الحوثيِّين لفترة أبعد ممَّا كان مُتوقَّعًا؛ حيث إنَّ تسلُّل الحوثيين إلى السعوديَّة يأتي في إطار إبراز قوَّة الحركة إعلاميًّا وتخفيف الضَّغط على بعض جبهات القتال الأخرى داخل الأراضي اليمنيَّة.

ومن ناحيةٍ أخرى، كان من الممكن للسَّعوديَّة بذل دور وساطة استغلالاً لثِقَلِها الدِّينيِّ والسِّياسيِّ، بدلاً من التَّدخُّل عسكريًّا، ودعم طرف على حساب الطَّرَفِ الآخر.

وفي كلِّ الأحوال ستقبع الأزمة فترةً لا بأس بها على الحدود اليمنيَّة- السَّعوديَّة يُمكن خلالها حدوث أو إحداث الكثير من المُتغيِّرات والمفاجآت غير المُتوقَّعة.

ليست هناك تعليقات: