تخوض الجالية المسلمة في سويسرا هذه الأيام معركةً شرسةً؛ لمواجهة حملة إعلامية، استعدت بها لجنة "مبادرة حظر المآذن" لكسب تأييد الناخبين، قبل التصويت على إضافة مادة تحظر بناء المآذن إلى الدستور في التاسع والعشرين من نوفمبر المقبل.
وتوضح أولى ملصقات الحملة المآذن وكأنها صواريخ مزروعة فوق العلم السويسري، ومعها امرأة منتقبة متشحة بالسواد.
وقال فالتر فوبمان رئيس لجنة مشروع الحظر: إن "التصميم استخدم الشكل المتعارف عليه عند رسم المآذن، وليس هناك تعمد في تشبيهها بالصواريخ"، مشيرًا إلى أنها "مجرد بداية صغيرة" لحملة كبيرة.
لكنه عاد قائلاً: "لقد أردنا إظهار أن المآذن رمز للقوة في الإسلام، وما سيأتي بعدها من مؤذن، ثم الشريعة الإسلامية؛ لذا أضفنا المرأة المنتقبة، ولا نرى هنا أي استفزاز".
واعترف فوبمان بأن الهدف "ليس المئذنة في حد ذاتها، بل هي رمز لقوة تبعاتها، وهذه هي الخلفية الحقيقية فكان لزامًا توضيح الأمر للرأي العام، ولماذا نطالب بإضافة بند إلى الدستور يحظر بناء المآذن؟!".
وأشار إلى أن اللجان الفرعية المنبثقة عن اللجنة الأم "ستمارس أنشطتها في مختلف المدن من خلال المناقشات والمنشورات، وهذا حقنا الديمقراطي".
وعلى الرغم من معارضة مجلس الحكم الاتحادي والبرلمان والأحزاب السياسية الكبرى-باستثناء حزب الشعب اليميني المتشدد- والمؤسسات الدينية المسيحية واليهودية؛ فإن فوبمان يواصل حملته، ويشير إلى احترامه لرأي المعارضين، داعيًا إلى "حوار يجمع الطرفين على أسس الديمقراطية السويسرية وللرأي العام أن يحكم".
في المقابل أكد الدكتور هشام أبو ميزر رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في سويسرا أن الجالية المسلمة "تعتزم بذل أقصى جهودها لمواجهة تلك الحملة، التي تحمل شعار حظر المآذن، إلا أنها في واقع الأمر تدعو إلى ما وراء ذلك، أي إلى تجميد النشاط الإسلامي في سويسرا، وعدم انتشار المراكز الإسلامية في البلاد؛ حتى لو كانت لأداء شعائر الصلاة فقط".
كما أكد أبو ميزر أن أصحاب المبادرة "يريدون وضع حجر أساس لمنهج يتبعه المتطرفون في الدول المجاورة".
وشدد أبو ميزر، الفلسطيني الأصل؛ على أن الأمر "أصبح ضد الإسلام في المقام الأول وليس ضد المسلمين كأفراد"، مستندًا في ذلك إلى تصريحات أعضاء اللجنة المؤيدة لحظر المآذن، "وهو أمر يدعو للقلق؛ لأنه يهدف إلى التفريق بين الإنسان ومعتقداته، فالمسلم إذا ابتعد عن دينه، فلن تكون له هوية أو شخصية أو ثقافة إسلامية"، مؤكدًا أن كل تلك المحاولات تهدف إلى "إفراغ المسلم في أوروبا من معتقداته".
وفي حين أكد فومبان وجود ميزانية تمول الحملة، قال أبو ميزر: "إننا نقف أمام تلك التحديات بكل ما وهبنا الله من قوة، ولكن إمكاناتنا ضعيفة للغاية، فالعين بصيرة واليد قصيرة؛ ولكن أملنا في الله سبحانه وتعالى كبير، وهو القائل: (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ).
وقارن أبو ميزر بين ما يتمتع به اليمين المتطرف من كونه حزبًا معترفًا به، ويؤيده 30% من الناخبين، ويحصل على كافة أشكال الدعم، وبين وضع الجالية المسلمة، متسائلاً: "أين هي الجهة التي يمكن أن تدعمنا في تلك المرحلة لمواجهة هذه الحملة الشرسة؟".
ويعتزم القائمون على شأن الجالية المسلمة تكثيف التعاون مع جميع الأطراف المناهضة للمبادرة، كما يعتزم أبو ميزر دعوة منظمة المؤتمر الإسلامي إلى سويسرا "للاجتماع مع مجلس الأديان وأبناء الجالية؛ للتعرف على حجم المشكلة، وواقع الحملة التي يشنها اليمين المتطرف".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق