الخبراء: ورقة أبو مازن سقطت أمريكيًّا وصهيونيًّا
الصحف العالمية ترشِّح فياض وتحذِّر من حماس
الشعوب العربية مرتاحة والأنظمة مرتابة
غزة- براء محمود:
رغم إعلانه عدم ترشيح نفسه لرئاسة ثانية، والتعبير عن استيائه وإحباطه من أصدقائه "الكيان الصهيوني والولايات المتحدة"، إلا أنَّه أصرَّ على رفض الاعتراف بفشل مشروعه التفاوضي مع الكيان الصهيوني.
وبدا الرئيس المنتهية ولايته محمود عباس مراوغًا في خطابه الذي أعلن خلاله نيته عدم الترشح لولاية ثانية، ولكن مع اعترافه بخذلان أصدقائه له إلا أنه لم يذكر أي شيء عن العلاقة غير الشرعية التي بناها منذ انخراطه في مسيرة التسوية التي يكاد يجمع المراقبون كافة على أنها فاشلة، ولم تحقِّق شيئًا للفلسطينيين، بل زادت قضيتهم تعقيدًا.
وبدلاً من اعتذار عباس للفصائل التي رفضت برنامجه من البداية، وتحدثت عن المنطلقات الصهيونية الرافضة للسلام، والموقف الصهيوني المنحاز للكيان على الدوام؛ ذهب عباس إلى مهاجمتهم لا سيما حماس التي نالت نصيب الأسد من ذلك، بل إن هجومه عليها فاق نقده للصهاينة والإدارة الأمريكية.
ويبدو أن عباس المنتهية ولايته يرى أن العدو الحقيقي هي حماس، وأن الصهاينة والأمريكان هم أصدقاؤه الذين خذلوه فقط، وهو ما أثار حفيظة بعض المراقبين الذين قالوا إنه كان على عباس أن يُقبل بشكل أكبر على المصالحة، في ظل المواقف الأخيرة للإدارة الأمريكية، والتي عبَّرت عنها وزيرة خارجيتها هيلاري كلينتون.
إخفاقاتٌ متتاليةٌ
 |
الصهاينة يفرضون حصارًا حول الحرم القدسي الشريف |
وتعددت إخفاقات عباس منذ توليه رئاسة السلطة، والتي انتهت مطلع العام الحالي، وحتى بعد اغتصابه للسلطة بعد انتهاء ولايته؛ فالسلام المزعوم لم يتحقق بل ازدادت وتيرة الاستيطان في الضفة الغربية ومحيط القدس، وزادت الاعتداءات على المسجد الأقصى والحفريات تحته.
وبالرغم من ضمانه لأمن الصهاينة في الضفة وتنسيقه الأمني معهم في اعتقاله وملاحقته للمقاومين، إلا أنهم واصلوا سياسة الحصار في الضفة، كما في غزة، وقطعت مدنها وقراها أوصالاً.
وبدلاً من الحفاظ على الوحدة الفلسطينية؛ أدت سياسته عقب انتخابات يناير 2006م وفوز حركة حماس فيها إلى الانقسام الذي يعاني منه الفلسطينيون حتى الآن.
ومع تغنيه بالديمقراطية إلا أنه أول من خرقها بتشكيله حكومة فياض في الضفة التي لم تنل ثقة المجلس التشريعي، كذلك اغتصب رئاسته للسلطة بعد انتهاء ولايته مطلع العام الحالي.
ولم يكتف بهذا الأمر، فقد تواطأ مع الاحتلال أثناء الحرب على غزة، بل إن بعض المصادر تشير إلى أنه من طالب بشن الحرب لتتسنى له العودة إلى غزة، أو كما يقول الفتحاويون إنهم سيستعيدونها.
عباس الذي طالما لحن للسلام، وتغنى به كطريق وحيد لقيام الدولة الفلسطينية لم يحقق السلام الذي قال إنه برنامجه وخياره، ولم يحرر الأسرى، والاستيطان مستمر، والقدس تهود وتهدم بيوتها ويهجر سكانها، والاجتياحات والاعتقالات مستمرة، وجدار الفصل العنصري اكتمل بناؤه، ولم يتابع قرار محكمة لاهاي، بل أجَّل تقرير "جولدستون" الذي فتح الباب على مصراعيه لمحاكمة قادة جيش الاحتلال، وللتحقيق في جرائم الحرب على قطاع غزة، ومع ذلك لم يعلن الفشل صراحةً.
وفتح قرار الرئيس المنتهية الولاية محمود عباس عدم الترشح للانتخابات القادمة بورصة الترشيحات لخلافته.
فقد أشارت مصادر في حركة فتح إنه في حال أصر عباس على رغبته؛ فعلى الأرجح ستجد الحركة نفسها أمام مرشحين أساسيين لخوض الانتخابات مكانه، وهما: النائب المعتقل في الكيان الصهيوني مروان البرغوثي، وعضو اللجنة المركزية لحركة فتح ناصر القدوة.
ومن بين أبرز الأسماء الأخرى التي تطرح لخلافة عباس أمين سر فتح محمد غنيم (أبو ماهر) وسلام فياض، على الرغم أنه لا ينتمي إلى فتح، فإنَّه يتمتع بميزات عدة تجعله المرشح الأقوى والأكثر قدرة، ليس فقط على الفوز، وإنما أيضًا على إدارة السلطة ومؤسساتها التي يلعب الدور المركزي في إدارتها.
لكن بعض الأوساط في فتح تعارض دعم فياض للرئاسة، كونه من خارج الحركة، فيما يرى آخرون فيه حصانًا رابحًا في أي سباق مع أي منافس آخر، سواء من حماس أو من الحركة الوطنية.
المراقبون وصفوا خطوة عباس بغير المتوقعة، معتقدين أنها جاءت عقب مطلب أمريكي خلال لقاء كلينتون- عباس، وطلبت منه عدم ترشيح نفسه لرئاسة السلطة.
تقييمات إعلامية
 |
ياسر عرفات |
وكانت بعض الصحف الأجنبية نشرت ملاحظاتها على قرار عباس بعدم ترشيحه للانتخابات القادمة, فأشارت صحيفة (التايمز) البريطانية إلى أن قرار الرئيس محمود عباس المنتهية ولايته مرتبط بحالة الإحباط التي يعانيها من الإدارة الأمريكية، وشعوره أن الأمريكيين تخلوا عن تعهداتهم, موضحة تراجع شعبية عباس خلال الأعوام الخمسة التي قاد فيها السلطة بعد وفاة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
في حين ترى صحيفة (ديلي تليجراف) البريطانية في تحليل لها أن عباس يظل حليفًا مهمًّا للولايات المتحدة، والشخص الوحيد في المناطق المحتلة المستعدة "إسرائيل" إجراء محادثات معه؛ لكن الولايات المتحدة لم تقدِّم له أيًّا من المميزات التي يحتاجها، منوهة بأن عباس كان يعيش حالة من العودة والتأييد بشكل أفرح إدارة أوباما.
بينما ترى (الجارديان) أنَّ إعلان عباس الأخير حقيقي؛ ما يعني أن خروجه من المقاطعة في رام الله يعني اختفاء نصف الفلسطينيين معه، وتشويش الخطط الصهيونية والأمريكية القائمة على فكرة تقسيم الفلسطينيين إلى "الضفاويين الأخيار" و"الغزيين الأشرار"!!
مناورة سياسية
 |
ناجي شراب |
المراقبون من جانبهم، أشاروا إلى أنَّ الولايات المتحدة قد تكون معنية بإبراز شخصيات أخرى في حين يحافظ عباس على موقعه في حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
حيث يرى الكاتب والمحلل السياسي ناجي شراب أن إقدام عباس إلى التنحي جاء؛ نتيجة انسداد طريق المفاوضات، وبقاء الموقف الأمريكي منحازًا "للكيان"؛ خاصة ملف القدس والاستيطان.
وأضاف: "أمامه خياران إما عدم الترشح، أو المضي في المفاوضات، وأعتقد أن القرار رسالة لأمريكا و"الكيان" تعني أنه لا يمكن الاستمرار وقد يكون ورقة ضغط على أمريكا".
وأوضح أن هناك فرصة للتراجع؛ حيث حدَّد 9 نقاط لاستئناف المفاوضات ما يعطي عباس فرصةً للعودة والمناورة، بعكس ما تعمد قوله حين ألصق تصريحه الأخير بكلمة "لا أناور".
ويرى شراب أن فتح تعاني من أزمة قيادة، مضيفًا: "هناك أزمة قيادة على المستوى الفلسطيني ككل؛ لذا أتوقع أن تمارس مؤسسات فتح ضغطًا على عباس للعدول عن قراره".
تنفيذ الأوامر
ووافقه الرأي الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل؛ حيث أشار إلى أن إعلان عباس عدم الترشح للانتخابات القادمة له مدلول سياسي واضح، متمثل بوصوله لنتيجة أن إمكانية تحقيق رؤية الدولتين وعملية المفاوضات وصلت لطريق مسدود، وأن الدور الأمريكي تعترضه مشكلات أهمها الانحياز الواضح لصالح الكيان".
وحول السيناريوهات المتوقعة بعد إعلانه، قال عوكل: "لا توجد سيناريوهات محددة؛ لكن ربما يكون هناك ضغوطات محلية من قِبل حركة فتح وتدخلات شعبية؛ للرجوع عن قراره لكن لا أعتقد تراجعه إلا في حالة واحدة ليست لأسباب فلسطينية، بل إذا وعدته الإدارة الأمريكية بتعديل مسار التسوية".
تبرير الفشل
 |
مصطفى الصواف |
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف ابتعد قليلاً عن سابقيه؛ حيث قال لـ(إخوان أون لاين) إنَّ عباس يهدف من الانسحاب إلى إلقاء فشله على الكيان الصهيوني وحماس، وأضاف: "فتح لن تفكر في رئاسة السلطة، وستلقي بالكرة لسلام فياض"، مضيفًا: "تريد فتح أن تقول لحماس إن السلطة ستسند لمستقلين، وتبقى الفصائل بعيدًا عنها، وربما يُلْغَى منصب رئيس السلطة، ويصبح رئيس وزراء".
وشدد عوكل على عدم وجود أيِّ بديلٍ مطروحٍ في تلك الفترة, قائلاً: "من الصَّعب أنْ تتم الانتخابات في موعدها المحدد في يناير القادم؛ لأن حماس ترفض إجراءها بغزة و"الكيان" بالقدس، وبالتالي يمكن أن يستمر كرئيس لبعض شهور أخرى؛ حتى يتم تحقيق التوافق وتُجرى الانتخابات وخلال ذلك يتم تأهيل مرشحين آخرين".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق