قراءة تحليلية في نشأة الاخوان المسلمين |
04\04\2009 بقلم : الشيخ الدكتور عبد الله حلا تخرج حسن البنا من دار العلوم سنة 1927م وعُين مدرساً في الإسماعيلية على قناة السويس حيث كانت مركزاً للوجود الإنكليزي المدني والعسكري، وكانت إدارة شركة القناة تتخذها مقراً لها، وكانت المعسكرات الإنكليزية تحيط بها من كل جانب، وهذا الوضع زاد من دوافع وحوافز الحركة الدعوية لدى البنا، فأخذ يرتاد المقاهي مستفيداً من تجربته السابقة في هذا المجال، وينتقل بروادها بعد إلقاء المواعظ إلى المسجد، بهدف تدريسهم الإسلام بشكل موسع ومركز استناداً إلى كتاب اللَّه تعالى وسنّة الرسول (ص)، وقد استجاب جمهور الإسماعيلية لهذه الدعوة التي لا تبتغي غير مرضاة اللَّه عزّ وجلّ، ولهذا فقد أثرت فيهم شخصية الداعية أيما تأثير، بعد أن عُرِفَ البنا «بفصاحة ونصاعة حجته وملاءمة قوله وحسن اختيار لفظه، خطيب ممتاز لا يزاحمه مزاحم ولا يرتفع بجواره صوت ولا يباريه في ميدانه أحد من رجال عصره، ويمتلك ألباب سامعيه ويهز مشاعرهم، وله طابعه الخاص وسمته الثابت ووسائله المبتكرة، واتجاهاته المستقلة، لا يقلد أو يجاري أحداً من السابقين... يسنده في هذا علمه الغزير وقدرته الفائقة على جمع شتات أطراف أي موضوع مهما كان متشعباً، يجمعه جمعاً يدنيه من ذهن السامع ويقربه إليه بلا اقتضاب ولا إخلال... فهو دائرة معارف واسعة، يتحدث في أي موضوع بلا إعداد مهما كان هذا الموضوع، ويتخير في أحاديثه الأسلوب السهل والتعابير المناسبة»(2). وكان الرجل متواضعاً محبباً إلى الناس «كان يجلس على الحصير إذا كان المجلس أرضاً، وفي اخر الصفوف إذا اصطفت المقاعد للجلوس منكمشاً فلا يكاد يُرى، متواضعاً فلا يكاد يُعرف، يلبس في غالب أحيانه الجلباب العادي من أرخص الأقمشة»(3). وعن تميز شخصية البنا يقول سعيد حوى: «لقد تجلت عبقرية الداعي مع كثرة جوانب هذه العبقرية ومجالاتها في ناحيتين خاصتين لا يشاركه فيهما إلا القليل النادر من الدعاة والمربين: أولاهما: شغفه بدعوته وإيمانه واقتناعه بها وتفانيه فيها وانقطاعه إليها بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله، وذلك هو الشرط الأساسي والسمة الرئيسية للدعوة والقادة. والناحية الثانية: تأثيره العميق في نفوس أصحابه وتلاميذه، ونجاحه المدهش في التربية والإنتاج، فقد كان منشىء جيل ومربي شعب وصاحب مدرسة علمية فكرية خلقية»(4). وبعد نضوج ثمرات الدعوة في الإسماعيلية، قام عدد من أبنائها بزيارة شيخهم، ليتدارسوا معه واقع الأمة والمجتمع، والبحث عن طرق وأساليب المعالجة، ويسجل الرجل ما حدث في هذه الزيارة في مذكراته قائلاً... «في مارس (اذار) 1928 زارني بالمنزل أولئك الإخوة الستة: حافظ عبد الحميد، أحمد الحصري، فؤاد إبراهيم، عبد الرحمن حسب اللَّه، إسماعيل عز، زكي المغربي، وهم من الذين تأثروا بالدروس والمحاضرات التي كنت ألقيها... قالوا: لقد سمعنا ووعينا، وتأثرنا ولا ندري ما الطريق العملية إلى عزّة الإسلام وخير المسلمين، ولقد سئمنا هذه الحياة، حياة الذل والقيود، وها أنت ترى العرب والمسلمين في هذا البلد لا حظّ لهم من منزلة أو كرامة، وأنهم لا يعدون مرتبة الأجراء التابعين لهؤلاء الأجانب، ونحن لا نملك إلا هذه الدماء تجري حارة بالعزّة في عروقنا، وهذه الأرواح تسري مشرقة بالإيمان والكرامة مع أنفاسنا، وهذه الدراهم القليلة من قوت أبنائنا... وكل الذي نريده الان أن نقدم لك ما نملك لنبرأ من التبعة بين يدي اللَّه، وتكون أنت المسؤول بين يديه عنا وعما يجب أن نعمل، وإن جماعة تعاهد اللَّه مخلصة على أن تحيا لدينه، وتموت في سبيله، لا تبغي بذلك إلا وجهه، لجديرة أن تنتصر، وإن قل عددها، وضعُفت عُددُها... فقلت لهم في تأثر عميق: شكراً للَّه لكم وبارك هذه النية الصالحة، ووفقنا إلى عمل صالح، يرضي اللَّه وينفع الناس، وعلينا العمل وعلى اللَّه النجاح. فلنبايع اللَّه على أن نكون لدعوة الإسلام جنداً، وفيها حياة الوطن وعزّة الأمة»(5). وكانت هذه أولى المجموعات في حركة الإخوان المسلمين. وبنى البنا مع إخوانه مؤسسات الحركة والدعوة، من مدرسة التهذيب التي يدرس فيها القران والحديث والفقه، ودار للإخوان وبجواره مسجد، ثم انتقلوا إلى بناء معهد حراء الإسلامي، لتدريس العلوم الدينية أول النهار والعلوم المهنية باقي النهار(6). وبعد ذلك تم إنشاء مدرسة أمهات المؤمنين... «وقد اشتملت الدار بعد بنائها على مسجد ومدرستين إحداهما للبنين والأخرى للبنات ونادٍ، وقدم البنا بذلك دليلاً على رغبته في ألا تقتصر الدعوة الإسلامية على الوعظ والإرشاد وإنما ينبغي أن تطابق وتطبق أحكام الإسلام في كل ميادين الحياة، ولا سيما أنه ألحق بدور الجماعة فيما بعد مصانع صغيرة ثم شركات كبيرة، لا لكي تنفق على سير الدعوة فحسب، ولكن لكي تقدم الجماعة من خلالها النموذج التطبيقي للشريعة الإسلامية(7). ومن الإسماعيلية تنطلق الدعوة إلى المدن والقرى المجاورة، وكان البنا النموذج الحي والقدوة أمام إخوانه من الناحية الدعوية «كان يجوب القرى للدعوة... وكان صبوراً... وكان يبتعد عن تنافس الأُسر فيقصد بيوت الفقراء إذا نزل بلدة، وإذا نزل بلداً لا يعرفه أحد فيها قصد إلى مسجدها، فإذا انصرف الناس عنه نام على حصير المسجد، وقد وضع حقيبته تحت رأسه ملتفاً بعباءته»(8).
2- الخلافات الدينية(13) والمذهبية والانصراف عن الدين كعقائد وأعمال، إلى ألفاظ ومصطلحات ميتة لا روح فيها ولا حياة، وإهمال كتاب اللَّه وسنّة الرسول (ص). 3- الانغماس في ألوان الترف والنعيم والإقبال على المتعة والشهوات حتى أُثر عن حكام المسلمين في كثير من العصور ما لم يؤثر عن غيرهم. 4- انتقال السلطة والرياسة إلى غير العرب(14) من الفرس تارة والديلم تارة أُخرى والمماليك والأتراك وغيرهم ممن لم يتذوقوا طعم الإسلام الصحيح، ولم تشرق قلوبهم بأنوار القران لصعوبة إدراكهم لمعانيه. 5- إهمال العلوم العلمية والمعارف الكونية، وصرف الأوقات وتضييع الجهود في فلسفات نظرية عقيمة وعلوم خيالية سقيمة، مع أن الإسلام يحثهم على النظر في الكون واكتناه أسرار الخلق والسير في الأرض. 6- غرور الحكام بسلطانهم والانخداع بقوتهم وإهمال النظر في التطور الاجتماعي للأمم من غيرهم، حتى سبقتهم في الاستعداد والأُهبة وأخذتهم على حين غرة. 7- الانخداع بدسائس المتملقين من خصومهم، والإعجاب بأعمالهم، والاندفاع في تقليدهم فيما يضر ولا ينفع(15).
ومن الناحية الفكرية، يرى الإخوان المسلمون بأن القران والسنّة النبوية هما المرجعان لإصلاح البشرية من جديد، ولبناء مجتمع إسلامي، تفيء إليه البشرية تحت حكم الشريعة الإسلامية على الأسس التالية: أ- الربانية (اعتماد المنهج الإسلامي في البناء للفرد والأسرة والمجتمع). ب- التسامي بالنفس الإنسانية (من خلال الإيمان باللَّه ورسوله وتهذيب النفس وتطهيرها). ج- تقرير عقيدة الجزاء(16). د- إعلان الأخوة بين الناس(17). هـ- النهوض بالرجل والمرأة جميعاً، وإعلان التكافل والمساواة بينهما وتحديد مهمة كل واحد منهما. و- تأمين المجتمع بتقرير حق الحياة والملك والعمل والصحة والحرية والعلم والأمن لكل فرد وتحديد موارد الكسب. ز- ضبط الغريزتين: غريزة حفظ النفس، وحفظ النوع. ح- الشدة في محاربة الجرائم الأصلية. ط- تأكيد وحدة الأمة والقضاء على كل مظاهر الفرقة وأسبابها. ي- إلزام الأمة بالجهاد في سبيل مبادىء الحق التي جاء بها هذا النظام. ك- اعتبار الدولة ممثلة للفكرة وقائمة على حمايتها، ومسؤولة عن تحقيق أهدافها في المجتمع الخاص، وإبلاغها إلى الناس جميعاً(18). ويرى الإخوان المسلمون بأن النظام الإسلامي هو نظام عملي لا يترك مبادئه وتعاليمه نظريات في النفوس... بل وضع لتركيزها وتثبيتها مظاهر عملية، حيث ألزم الأمة بتطبيقها وجعلها فرائض عليها، تأثم الأمة بتضييعها، وتثاب على تطبيقها، ومن هذه المظاهر العملية: 1- الصلاة والذكر والتوبة والاستغفار. 2- الصيام والعفة والتحذير من الترف. 3- الزكاة والصدقة والإنفاق في سبيل الخير. 4- الحج والسياحة والرحلة والكشف والنظر في ملكوت اللَّه. 5- الكسب والعمل وتحريم السؤال. 6- الجهاد والقتال وتجهيز المقاتلين ورعاية أهليهم ومصالحهم من بعدهم. 7- الأمر بالمعروف وبذل النصيحة. 8- النهي عن المنكر ومقاطعة مواطنه وفاعليه. 9- التزود بالعلم والمعرفة لكل مسلم ومسلمة في فنون الحياة المختلفة كل فيما يليق به. 1-0 حسن المعاملة وكمال التخلق بالأخلاق الفاضلة. 11- الحرص على سلامة البدن والمحافظة على الحواس. 12- التضامن الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم بالرعاية والطاعة(19).
1- أن يتحرر الوطن الإسلامي من كل سلطان أجنبي وذلك حق طبيعي لكل إنسان، لا ينكره إلا ظالم جائر أو مستبد قاهر. 2- أن تقوم في هذا الوطن الحر دولة إسلامية حرة تعمل بأحكام الإسلام وتطبق نظامه الاجتماعي(20) وتعلن مبادئه القويمة وتبلغ دعوته الحكيمة للناس»(21). وعن أهدافهم المصرية الخاصة يقول: «ولنا بعد هذين الهدفين أهداف خاصة لا يصير المجتمع إسلامياً إلا بتحقيقها. فاذكروا أيها الإخوان أن أكثر من 60% من المصريين يعيشون أقل من معيشة الحيوان... وأن مصر لا زالت إلى الان جاهلة لم يصل عدد المتعلمين فيها إلى الخمس... وأن الجرائم تتضاعف في مصر وتتكاثر بدرجة هائلة... فمن أهدافكم أن تعملوا لإصلاح التعليم ومحاربة الفقر والجهل والمرض والجريمة وتكوين مجتمع نموذجي يستحق أن ينتسب إلى شريعة الإسلام»(22). ويحدد البنا للإخوان الوسائل للوصول إلى أهدافهم هذه بقوله: كيف نصل إلى هذه الأهداف؟... للدعوات وسائل لا بد من الأخذ بها والعمل لها... ولا تعدو هذه الأمور الثلاثة: 1- الإيمان العميق. 2- التكوين الدقيق. 3- العمل المتواصل(23). ويشير إلى العقبات التي يمكن أن تعترض تطبيق هذا التصور السياسي في الواقع فيقول: «إن دعوتكم لا زالت مجهولة من الناس، ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية... سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم، وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله، وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان، وستقف في وجهكم كل الحكومات على السواء، وستحاول كل حكومة أن تحدَّ من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم... أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزباً سياسياً ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة المقاصد. ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الأمة فيحييه بالقران، ونور جديد يُشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة اللَّه، وصوت داوٍ يعلو مردداً دعوة الرسول (ص). ومن الحق الذي لا غلو فيه أن تشعروا أنكم تحملون هذا العبء بعد أن تخلى عنه الناس»(24). بعد هذا العرض لأبعاد الرؤية التاريخية والمفاهيم الفكرية والتصورات السياسية للإخوان المسلمين، أرى أنهم قد سعوا من خلالها إلى تبيان القضايا التالية:
ثالثاً: وفي مجال الطرح السياسي فقد بلور الإخوان هدفين سياسيين ينبغي على الأمة أن تعمل للوصول إليهما، وهما السعي للتحرير من كل سلطان أجنبي، وقيام دولة إسلامية تطبق أحكام الشريعة الإسلامية على كل الصعد، وتحمل أمانة الدعوة إلى الإسلام في ربوع الأرض، ومن أجل ذلك بيَّن الإخوان أن البداية في إيجاد جماعة مؤمنة بهذا الدين وأهدافه، وأن بناء هذه الجماعة يكون من خلال الإيمان العميق والتكوين الدقيق والعمل المتواصل، وقد كان الشيخ البنا دارساً لسيرة النبي (ص) وعارفاً لمحطاتها الرئيسية، وقد استشرف الرجل مستقبل الدعوة والدعاة في هذا العصر، ولاحت له من وراء الأفق العقبات التي ستعترض الدعوة إلى الإسلام، والمعاناة التي ستواجه الدعاة «وستقف في وجهكم كل الحكومات وستحاول كل حكومة أن تحدّ من نشاطكم وأن تضع العراقيل في طريقكم»(25).
في سنة 1946م أرسل المرشد العام للإخوان المسلمين الشيخ حسن البنا بخطاب سياسي إلى الملك فاروق ورئيس وزراء مصر (مصطفى النحاس) وإلى ملوك وأمراء وحكام بلدان العالم الإسلامي، يحضهم من خلاله للعودة إلى تحكيم كتاب اللَّه عزّ وجلّ وسنّة رسوله (ص) ويعرض فيه أبعاد وملامح التغيير الإسلامي على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع «إن اللَّه وكَّل إليكم أمر هذه الأمة، وجعل مصالحها وشؤونها وحاضرها ومستقبلها أمانة لديكم ووديعة عندكم، وأنتم مسؤولون عن ذلك كله بين يدي اللَّه تبارك وتعالى، ولئن كان الجيل الحاضر عدتكم، فإن الجيل الاتي من غرسكم، وما أعظمها من أمانة وأكبرها تبعة أن يسأل الرجل عن أمة»(26).
أولاً: القضاء على الحزبية وتوجيه قوى الأمة السياسية في وجهة واحدة وصف واحد. ثانياً: إصلاح القانون حتى يتفق مع التشريع الإسلامي في كل فروعه. ثالثاً: تقوية الجيش والإكثار من فرق الشباب وإلهاب حماستها على أسس من الجهاد الإسلامي. رابعاً: تقوية الروابط بين الأقطار الإسلامية جميعاً، وبخاصة العربية منها تمهيداً للتفكير الجدي العملي في شأن الخلافة الضائعة. خامساً: بثّ الروح الإسلامي في دواوين الحكومة بحيث يشعر الموظفون جميعاً بأنهم مطالبون بتعاليم الإسلام. سادساً: مراقبة سلوك الموظفين الشخصي وعدم الفصل بين الناحية الشخصية والناحية العملية. سابعاً: تقديم مواعيد العمل في الدواوين صيفاً وشتاءً حتى يعين ذلك على تأدية الفرائض ويقضي على السهر الكثير. ثامناً: القضاء على الرشوة والمحسوبية والاعتماد على الكفاية والمسوغات القانونية فقط. تاسعاً: أن توزن كل أعمال الحكومة بميزان الأحكام والتعاليم الإسلامية، فتكون نظم الحفلات والدعوات الاجتماعية الرسمية والسجون والمستشفيات مراعية لتعاليم الإسلام. عاشراً: استخدام الأزهريين في الوظائف العسكرية والإدارية وتدريبهم»(27).
1- تنظيم الزكاة دخلاً ومنصرفاً بحسب تعاليم الشريعة السمحة والاستعانة بها في المشروعات الخيرية التي لا بد منها كملاجىء العجزة والفقراء واليتامى وتقوية الجيش. 2- تحريم الربا وتنظيم المصارف تنظيماً يؤدي إلى هذه الغاية، وتكون الحكومة قدوة في ذلك بإلغاء الفوائد في مشروعاتها الخاصة بها كبنك التسليف والسلف الصناعية وغيرها. 3- تشجيع المشروعات الاقتصادية والإكثار منها، وتشغيل العاطلين عن العمل من المواطنين فيها واستخلاص ما في أيدي الأجانب منها للناحية الوطنية البحتة. 4- حماية الجمهور من عسف الشركات المحتكرة وإلزامها حدودها والحصول على كل منفعة ممكنة للجمهور. 5- تحسين حال الموظفين الصغار برفع مرتباتهم واستبقاء علاواتهم ومكافاتهم وتقليل مرتبات الموظفين الكبار. 6- حصر الوظائف وخصوصاً الكثيرة منها، والاقتصار على الضروري، وتوزيع العمل على الموظفين توزيعاً عادلاً والتدقيق في ذلك. 7- تشجيع الإرشاد الزراعي والصناعي، والاهتمام بترقية الفلاح والصانع من الناحية الإنتاجية. 8- العناية بشؤون العمال الفنية والاجتماعية، ورفع مستواهم في مختلف النواحي الحيوية. 9- استغلال الموارد الطبيعية كالأرض البور والمناجم المهملة وغيرها. 10- تقديم المشروعات الضرورية على الكماليات في الإنشاء والتنفيذ(28). خطوط البرنامج الاجتماعي
1- تعويد الشعب احترام الاداب العامة، ووضع إرشادات معززة بحماية القانون في ذلك الشأن، وتشديد العقوبات على الجرائم الأدبية. 2- علاج قضية المرأة علاجاً يجمع بين الرقي بها والمحافظة عليها وفق تعاليم الإسلام، حتى لا تترك هذه القضية التي هي أهم قضايا الاجتماع تحت رحمة الأقلام المغرضة والاراء الشاذة من المفرطين والمفرِّطين. 3- القضاء على البغاء بنوعيه السري والعلني. واعتبار الزنى مهما كانت ظروفه جريمة منكرة يُجلد فاعلها. 4- القضاء على القمار بكل أنواعه من ألعاب ويانصيب ومسابقات وأندية. 5- محاربة الخمر كما تحارب المخدرات، وتحريمها وتخليص الأمة من شرورها. 6- مقاومة التبرج والخلاعة وإرشاد السيدات إلى ما يجب أن يكون، والتشديد في ذلك بخاصة على المدرسات والتلميذات والطبيبات والطالبات ومن في حكمهن. 7- إعادة النظر في مناهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينها وبين مناهج تعليم الصبيان في كثير من مراحل التعليم. 8- منع الاختلاط بين الطلبة والطالبات، واعتبار خلوة أي رجل بامرأة لا تحل له جريمة يؤاخذان بها. 9- تشجيع الزواج والنسل بكل الوسائل المؤدية، إلى ذلك، ووضع تشريع يحمي الأسرة ويحض عليها ويحل مشكلة الزواج. 10- إغلاق الصالات والمراقص الخليعة وتحريم الرقص وما إلى ذلك. 11- مراقبة دور التمثيل وأفلام السينما والتشديد في اختيار الروايات والأشرطة. 12- تهذيب الأغاني ومراقبتها والتشديد في ذلك. 13- حسن اختيار ما يذاع على الأمة من المحاضرات والأغاني والموضوعات واستخدام محطة الإذاعة في تربية وطنية خلقية فاضلة. 14- مصادرة الروايات المثيرة والكتب المشككة المفسدة والصحف التي تعمل على إشاعة الفجور وتستغل الشهوات استغلالاً فاحشاً. 15- تنظيم المصايف تنظيماً يقضي على الفوضى والإباحية التي تذهب بالغرض الأساسي من الاصطياف. 16- تحديد مواعيد افتتاح وإغلاق المقاهي العامة، ومراقبة ما يشتغل به روادها، وإرشادهم إلى ما ينفعهم وعدم السماح لها بالعمل بهذا الوقت الطويل كله. 17- استخدام هذه المقاهي في تعليم الأميين القراءة والكتابة، ويساعد على ذلك هذا الشباب المتوثب من رجال التعليم الإلزامي والطلبة. 18- مقاومة العادات الضارة اقتصادياً أو خلقياً أو غير ذلك، وتحويل تيار الجماهير عنها إلى غيرها من العادات النافعة، أو تهذيب نفسها تهذيباً يتفق مع المصلحة وذلك كعادات الأفراح والماتم والموالد والمواسم والأعياد وما إليها، وتكون الحكومة قدوة صالحة في ذلك. 19- اعتبار دعوة الحسبة، ومؤاخذة من يثبت عليه مخالفة شيء من تعاليم الإسلام أو الاعتداء عليه كالإفطار في رمضان وترك الصلاة عمداً أو سبّ الدين وأمثال هذه الشؤون. 20- ضم المدارس الإلزامية في القرى إلى المساجد، وشمولهما معاً بالإصلاح التام من حيث الموظفين والنظافة وتمام الرعاية، حتى يتدرب الصغار على الصلاة ويتدرب الكبار على العلم. 21- تقرير التعليم الديني مادة أساسية في كل المدارس على اختلاف أنواعها كلّ بحسبه وفي الجامعة أيضاً. 22- تشجيع تحفيظ القران في المكاتب العامة الحرة، وجعل حفظه شرطاً في نيل الإجازات العلمية التي تتصل بالناحية الدينية واللغوية، مع تقرير حفظ بعضه في كل مدرسة. 23- وضع سياسة ثابتة في التعليم، تنهض به وترفع مستواه، وتوحد أنواعه المتحدة الأغراض والمقاصد، وتقرب بين الثقافات المختلفة في الأمة، وتجعل المرحلة الأولى من مراحله خاصة بتربية الروح الوطني الفاضل والخلق القويم. 24- العناية باللغة العربية في كل مراحل التعليم، وإفرادها في المراحل الأولى عن غيرها من اللغات الأجنبية. 25- العناية بالتاريخ الإسلامي... وتاريخ حضارة الإسلام. 26- التفكير بالوسائل المناسبة لتوحيد الأزياء في الأمة تدريجياً. 27- القضاء على الروح الأجنبية في البيوت من حيث اللغة والعادات والأزياء والمربيات والممرضات إلخ، وتصحيح ذلك كله. 28- توجيه الصحافة توجيهاً صالحاً وتشجيع المؤلفين والكاتبين على طرق الموضوعات الإسلامية. 29- العناية بشؤون الصحة العامة من نشر الدعاية الصحية بمختلف الطرق والإكثار من المستشفيات والأطباء والعيادات المتنقلة وتسهيل سبل العلاج. 30- العناية بشأن القرية من حيث نظافتها وتنقية مياهها ووسائل الثقافة والراحة والتهذيب فيها(29).
ولقد سعى البنا بهذا الاتجاه في الأربعينات، بعد إيجاد الفرد المسلم والأسرة المسلمة، والمجتمع الذي استيقظ من غفلته على حقيقة الإسلام، كدين ودولة، وكانت رسالة البنا إلى الملوك والرؤساء والحكام ضمن هذا المنحى، وهو السعي إلى أسلمة الدولة في نظامها وأجهزتها وتوجهاتها، ومن خلال دراسة خطوط البرنامج السياسي المطروح نجد أنه يركز على القضايا التالية: 1- تغيير القانون في الدولة واستبداله بالتشريع الإسلامي، والعمل على توحيد الأمة، واعتماد التعبئة الإسلامية الجهادية في الجيش.
ومن خلال دراسة خطوط البرنامج الاقتصادي نجد أنه يركز على القضايا التالية: أولاً: أسلمة النظام الاقتصادي من خلال تحريم الربا وإلغائه، وتنظيم جباية الزكاة وصرفها للمستحقين حسب الأصول الشرعية. ثانياً: تشجيع المشاريع الاقتصادية والصناعية والتجارية والزراعية، وحماية الجمهور من غش واحتكار الشركات، وتحسين حال الموظفين الصغار مالياً. ثالثاً: استغلال الموارد الطبيعية من مياه ومعادن ومناجم، وإيقاف الهدر في الأموال العامة، من خلال حصر الوظائف، والإبقاء على الضروري منها. ومن خلال دراسة البرنامج الاجتماعي نجد أنه يركز على القضايا التالية: 1- بثّ الوعي الإسلامي في ثنايا المجتمع، من خلال المساجد والمدارس والجامعات والمناسبات الإسلامية، وبواسطة وسائل الإعلام، من سينما وتلفزيون وإذاعة وصحف وجرائد، من أجل توجيه المجتمع نحو الإسلام وتقوية التزامه بالأحكام الشرعية. 2- القضاء على كل أنواع الفساد الفكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والخلقي، ومقاومة العادات الضارة اجتماعياً واقتصادياً وخلقياً. 3- رعاية المرأة وتوعيتها إسلامياً، وتبيان أهمية دورها في المجتمع، وتشجيع الزواج المبكر لإيجاد الأسرة الإسلامية التي ستكون محضن النشء الإسلامي الطاهر. لقد سعى البنا لأسلمة الدولة من خلال طرحه لهذه البرامج السياسية والاقتصادية والاجتماعية في خطوطها العامة، ولكن الملوك والرؤساء والحكام كعادتهم لا يستجيبون، ولسان حالهم قول فرعون (ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد)(30). وأرى أن البنا قد اجتهد، وسعى في طرحه من أجل إقامة الحجة الدامغة على هؤلاء الحكام، وأنهم سيسألون يوم القيامة عما كانوا يعملون (وقفوهم إنهم مسؤولون)(31). ومن خلال ذلك كان الشيخ البنا: أولاً: أول من طرح في هذا العصر الخطوط العامة للنظام الإسلامي في أبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية... إلخ. ثانياً: وكان أول من وضع الأمة أمام مسؤوليتها الشرعية، في السعي لإقامة الدولة الإسلامية من الناحية العملية، بعد إيجاد الفرد والأسرة ومؤسسات المجتمع الإسلامي.
الهوامش
(4) سعيد حوى، المدخل إلى دعوة الإخوان المسلمين، ص198. (5) الشيخ حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، ص72. (6) المرجع نفسه، ص92. (7) د. زكريا بيومي، الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية، ص82. (8) رفعت السعيد، حسن البنا متى وكيف ولماذا، ص48. (9) الندوة العالمية للشباب الإسلامي، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة، ص23. (10) حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، ص6. (11) المرجع نفسه، ص130. (12) والسبب هو ضعف الوازع الديني وقلة الخوف من اللَّه عزّ وجلّ. (13) كان الأولى أن يقال الخلافات الجدلية التي نتجت عن علم الكلام والمنطق اليوناني. (14) عندما قصَّر العرب في حمل الرسالة تقدم المسلمون غير العرب لحملها. (15) حسن البنا، مجموعة الرسائل، ص131-132. (16) المقصود هنا تحديد مسألة الثواب والعقاب. (17) إن هذه الأخوة هي أخوة الإنسانية وليست أخوة الإيمان والدين إلا لمن يستجيب لهذا الإعلان. (18) حسن البنا، مجموعة الرسائل، ص127-128. (19) المرجع نفسه، ص128-129. (20) يبدو أن المقصود هنا النظام السياسي الذي يتضمن الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والقضائية... إلخ. (21) المرجع نفسه، ص140-141. (22) المرجع نفسه، ص142. (23) المرجع نفسه، ص141-142. (24) المرجع نفسه، ص144. (25) المرجع نفسه، ص144. (26) المرجع نفسه، ص57. (27) المرجع نفسه، ص74-75. (28) المرجع نفسه، ص77-78. (29) المرجع نفسه، ص75-77. (30) سورة غافر، الاية: 29. (31) سورة الصافات، الاية: 23. |
HELP AQSA
السبت، 14 نوفمبر 2009
قراءة تحليلية في نشأة الاخوان المسلمين
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق