قرضاي رئيسًا.. أمريكا والتلاعب بأفغانستان! | ||||
[16:14مكة المكرمة ] [02/11/2009] | ||||
الأمين العام للأمم المتحدة خلال لقائه بحامد قرضاي عقب فوزه بولاية جديدة | ||||
كتب- سامر إسماعيل: | ||||
تناولت وسائل الإعلام في شتى أنحاء العالم خبر انسحاب المرشح الرئاسي الأفغاني عبد الله عبد الله من جولة الإعادة ضد الرئيس الأفغاني المنتهية ولايته حامد قرضاي، وهو ما أدَّى تلقائيًّا إلى الإعلان عن فوز قرضاي بولايةٍ رئاسيةٍ جديدةٍ.. فما الأسباب التي دفعت عبد الله للانسحاب؟! وما حقيقة الدور الأمريكي في أفغانستان وجارتها باكستان؟! وهل سيؤثر انسحاب عبد الله على شرعية قرضاي وحكومته؟! بالنسبة للأسباب التي دفعت عبد الله للانسحاب من جولة الإعادة ضد قرضاي؛ فعندما قرر عبد الله- وهو وزير خارجية سابق في حكومة قرضاي ومن أقلية الطاجيك- خوضَ الانتخابات الرئاسية الأفغانية ضد قرضاي، الذي قرَّر بدوره خوض الانتخابات لتولِّي فترة رئاسية ثانية في أفغانستان؛ كان يتوقع أن الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلنطي (الناتو)، التي تحتل أفغانستان وتقول إنها جاءت لنشر الديمقراطية وحقوق الإنسان في أفغانستان، والقضاء على تنظيم القاعدة من أجل إعادة بناء البلاد من جديد والبدء في مشروعات التنمية؛ ستقوم بتطبيق ما تنادي به، ولكن تكشَّفت الحقائق منذ الجولة الأولى من الانتخابات والتي أُجريت في 20 أغسطس الماضي. كما تناقلت الصحف ووكالات الأنباء الأفغانية، المستقلة والعالمية، ما أُثير حول وجود عمليات تزوير واسعة في العملية الانتخابية، وأن هناك أكثر من 2000 طعن موجَّه للعملية الانتخابية التي اعتبرها الكثيرون مسرحيةً هزليةً قامت بها الولايات المتحدة لإقناع المواطنين الأمريكيين بأن الإستراتيجية الأمريكية في أفغانستان ناجحةٌ، وأسهمت في إجراء انتخابات تنافسية حرة ونزيهة؛ لتبرير وجودهم في أفغانستان، وخداع العالم بأن وجود تلك القوات سيُسهم في بناء أفغانستان والمضيِّ قدمًا في تنفيذ مشاريع التنمية لخدمة الأفغان. ولكن انقلب السحر على الساحر؛ فالرئيس الأفغاني المنتهية ولايته حامد قرضاي حاول الاستفادة من الدعم الأمريكي الموجَّه له منذ انتخابه رئيسًا لأفغانستان عام 2004م، وأمر أتباعه بتزوير الانتخابات لضمان بقائه في السلطة، فهو يعلم جيدًا أن الولايات المتحدة ترغب في بقائه، ما دام يدعم وجود قوات الاحتلال ويسمع الأوامر الأمريكية ويطيعها. إصرار عبد الله على أن العملية الانتخابية شابها تزويرٌ واسعٌ من قِبَل القائمين على الانتخابات، خاصةً اللجنة المستقلة المشرفة على الانتخابات الرئاسية الأفغانية والتي شكَّلها قرضاي، وأعلنت عن حصول قرضاي في الجولة الأولى على أكثر من 54% من الأصوات- ما يعني فوز قرضاي بالرئاسة الأفغانية لفترة ثانية- دفَعَ بلجنة تلقِّي الشكاوى الانتخابية، والتي تضمُّ عددًا من موظفي الأمم المتحدة، إلى الإعلان عن إعادة فرز الأصوات، والتي أثبتت فيما بعد وجود عملية تزوير واسعة في أصوات الناخبين، شملت تزوير أكثر من مليون صوت لصالح قرضاي؛ ما أدَّى إلى خصم تلك الأصوات المزوّرة ليدخل قرضاي جولة إعادة ضد عبد الله.
ولكن ما زاد الأمور سوءًا بل وكشف حقيقة ما يجري في أفغانستان؛ هي تصريحات بيتر جالبريث الرجل الثاني في بعثة الأمم المتحدة لأفغانستان، والذي كشف عن أن إقالته من منصبه جاءت بعد فضحه نوايا كاي إيدي رئيس البعثة الذي حاول إضافة الأصوات المزوَّرة وحسابها لصالح قرضاي حتى يفوز قرضاي بالرئاسة من الجولة الأولى. الولايات المتحدة بدورها حاولت إثبات أن عملية التزوير التي جرت في الانتخابات الأفغانية قام بها أشخاص منفردون، وقامت بالضغط على قرضاي للقبول بخوض جولة إعادة مع عبد الله أو محاولة إقناع الطرفين بتشكيل حكومة ائتلافية يقود فيها قرضاي رئاسة أفغانستان وعبد الله رئاسة وزرائه؛ في محاولة منها للتغطية على جريمة التزوير التي جرت بإشراف دولي. كل ما سبق دفع بعبد الله إلى طلب عزل رئيس اللجنة المستقلة المشرفة على الانتخابات عزيز الله لودين، إلا أن قرضاي رفض الطلب وهو ما اعتبره عبد الله دليلاً على أن قرضاي يرغب في إعادة نفس سيناريو التزوير الذي جرى في الجولة الأولى للانتخابات من جديد في الجولة الثانية. قرار انسحاب عبد الله من جولة الإعادة فضح الولايات المتحدة التي تحاول جعل أفغانستان دولةً تبيعةً لها، تحكمها الأهواء الشخصية، وهو ما عبَّر عنه أحد الكتَّاب بأن أفغانستان أصبحت بنانستان أو جمهورية الموز؛ في إشارة إلى الدول التي تسير خلف سياسة الولايات المتحدة ولا تحترم دستورًا ولا قانونًا. لذلك يحاول حاليًّا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي يزور أفغانستان حاليًّا في زيارة مفاجئة، إقناع قرضاي وعبد الله واللجنة المشرفة على الانتخابات بالتوصل إلى حلٍّ وسطٍ لاستكمال المهزلة التي تسمَّى بالانتخابات، إلا أن محاولته بالطبع ستفشل؛ لأن الولايات المتحدة تريد لها أن تفشل وسيتمُّ إعلان فوز قرضاي فوزًا غير شرعي؛ لأنه بُني على تزوير واضح في الجولة الأولى.
عبد الله وإن كان انسحابه يعني كشف المهزلة إلا أن انسحابه لا يعني سوى مزيد من العنف في أفغانستان، خاصةً أن قرضاي سيعتبر رئيسًا غير شرعي؛ لأنه جاء بعد عملية تزوير في الجولة الأولى وانسحاب منافسه في جولة الإعادة. هذا الوضع الذي لا يبشر بخير في أفغانستان يؤكد أن الولايات المتحدة نجحت في إستراتيجيتها الجديدة، وهي ضرب الأفغان بعضهم بعضًا؛ لتبرير بقاء قواتها داخل أفغانستان، وبالتالي إبقاء الشعب الأفغاني يعاني من التخلُّف الذي ذاق مرارته بفعل الحروب والأطماع المستمرة لدول الغرب في أفغانستان. هذا الوضع السيِّئ في أفغانستان يقابله وضعٌ بالغ السوء في باكستان، التي تُعتبر القوة النووية الإسلامية التي أعلنت عن نفسها والتي تواجه حاليًّا مؤامرةً أمريكيةً لتدمير بنية هذا البلد الكبير، من خلال إحداث ودعم الفتنة بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان باكستان وطالبان أفغانستان. الأسوأ من ذلك أن الإدارة الأمريكية تحاول أن توقع بين الحكومة الباكستانية الضعيفة والجيش الباكستاني، وذلك عندما أعلنت عن نيتها إرسال 7.5 مليارات دولار للحكومة الباكستانية كمساعدات اقتصادية؛ بشرط أن تفرض الحكومة قيودًا على الجيش الباكستاني؛ حتى لا تصل هذه الأموال إليه، وهو ما كاد يتسبَّب في أزمة كبيرة بين الجيش الباكستاني القوي والحكومة الضعيفة، وهو ما يدلُّ على أن الولايات المتحدة ترغب في جعْل باكستان تقع في مستنقع الفتنة والانقلابات وعدم الاستقرار؛ لضمان وجود القوات الأمريكية في أفغانستان، ولإضعاف أي دولة إسلامية قوية تحاول أن تنافس على الساحة الدولية. باكستان شهدت خلال الأشهر والأسابيع الماضية زياراتٍ متعددةً لشخصيات سياسية أمريكية، بعضهم داخل الإدارة الأمريكية، والبعض الآخر من الدبلوماسيين والعسكريين الأمريكيين، كوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون، والمبعوث الأمريكي إلى باكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك، والسيناتور الأمريكي رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي جون كيري، وديفيد بتريوس قائد القيادة المركزية الأمريكية وغيرهم. هذا بجانب التعاون العسكري الأمريكي الباكستاني، وسماح باكستان بقيام الطائرات بدون طيار الأمريكية باستهداف أماكن داخل باكستان، والتي تقول إن عناصر القاعدة وطالبان يتحصَّنون بداخلها. الواضح مما سبق أن الولايات المتحدة تسعى إلى تفكيك الدول الإسلامية التي تحتلها، بالإضافة إلى اتخاذ البلدان التي تحتلها كقاعدة لنشر الفتنة إلى البلدان الإسلامية المجاورة لها؛ فمنذ دخول قوات الاحتلال الأمريكي العراق عام 2003م والعراق يشهد موجاتِ عنف وتفجيراتٍ انتحاريةً لم يشهدها من قبل كما يشهد بين الحين والآخر موجات عنف طائفي ظلت غائبةً عن العراقيين منذ أمد بعيد، ولم يشعلها إلا الاحتلال الأمريكي وأعوانه، الوضع نفسه بدأ يظهر في أفغانستان وباكستان. الحديث في وسائل الإعلام الآن أصبح عن العرقيات المتنوعة في أفغانستان، كالبشتون والطاجيك وغيرهما، وهل سيقبلون بنتائج الانتخابات الرئاسية الأفغانية أم ماذا سيحدث؟! أما بالنسبة لباكستان فالولايات المتحدة أكدت أنها اخترقت تنظيم القاعدة؛ ما يعني أن عمليات القاعدة في باكستان تحت المجهر الأمريكي، وربما يتم توجيهها أمريكيًّا لزعزعة الأمن والاستقرار في باكستان؛ لتشتعل المنطقة وتدور في موجة من العنف بين المسلمين أنفسهم؛ لتبقى الولايات المتحدة والغرب بعيدًا عن أي تهديد إسلامي وتفعل ما تريد بالشعوب والبلدان الإسلامية. |
HELP AQSA
الاثنين، 2 نوفمبر 2009
أمريكا والتلاعب بأفغانستان
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق