وديع عواودة-حيفا
كشفت دراسة جديدة أن 8% من أبناء الشبيبة الإسرائيلية حاولوا الانتحار في الفترة بين 2003 و2006 مؤكدة تساوي إسرائيل مع البلدان الأوروبية من هذه الناحية.وأوضحت الدراسة الصادرة عن لجنة وزارية خاصة بمكافحة الانتحار أن 2% من شبيبة إسرائيل قاموا بمحاولات قتل للنفس خطيرة جدا استدعت نقلهم للمستشفيات.
وتفيد الدراسة التي أشرفت عليها الاختصاصية النفسية حانة بار يوسيف بأن ارتفاع حجم ظاهرة الانتحار أقل من معدلاتها في الولايات المتحدة لكنها آخذة في الارتفاع، لافتة إلى أن نسبة محاولات الانتحار الخطيرة لدى الشبيبة الأميركية تبلغ 2.3% إلى3.5%.
وأشارت الباحثة إلى صعوبة إجراء مقاربات بسبب اختلاف طريقة تحديد محاولات الانتحار لدى الشبيبة بين كل دولة وأخرى، وأكدت تساوي إسرائيل مع عدة بلدان أوروبية وأستراليا من هذه الناحية "بل تجاوزنا فرنسا وكندا حيث النسبة الموازية هناك تبلغ 5%".
وتوضح الباحثة بار يوسيف أن هذه المعطيات تعني وجود طالبتين وطالب داخل كل فصل دراسي في إسرائيل حاولوا الانتحار معتبرة ذلك رقما مرتفعا ومقلقا.
وتشير الباحثة إلى أن جزءا من هذه المحاولات تشكل دعوة للمساعدة محذرة من تكرار المحاولة في حال عدم حصول تدخل علاجي.
وتنسب بار يوسيف ارتفاع ظاهرة الانتحار في إسرائيل لضائقة الشبيبة في العالم العصري اليوم، مشيرة لابتعاد الأبناء والآباء عن بعضهم البعض خلال المراهقة المعاصرة، وتضيف "من جهة واحدة يبدو كل شيء مباحا وفي المقابل يربي أولياء الأمور أبناءهم على ضرورة إحراز المكاسب والتحصيل العالي".
كذلك تفيد الدراسة بأن معدل عدد المنتحرين في إسرائيل خلال 1996-2000 بلغ 320 إنسانا في المجتمع اليهودي مقابل عشرين مواطنا عربيا في كل عام، وهو ما يوازي عدد ضحايا الحوادث المرورية.
محاولات الانتحار
وتوضح معطيات وزارة الصحة الإسرائيلية أن البلاد في الفترة 1996-2002 شهدت 3600 محاولة انتحار تم تسجيلها في غرف الطوارئ في المستشفيات منها 1500 من الرجال والبقية من النساء.
ويشكل الصيف بحسب المعطيات الموسم الأكثر انتشارا لظاهرة محاولات الانتحار مقاربة مع سائر شهور السنة بينما ترتفع الظاهرة.
|
جمال دقدوقي: تعاطي المخدرات والكحول أحد أسباب الانتحار (الجزيرة نت) |
أسباب الانتحار
وفي تحليله لأسباب الظاهرة، عزا الدكتور المختص في حالات الطوارئ وعلاج الصدمات النفسية جمال الدقدوقي الانتحار لعوامل ترتبط بعضها ببعض وتقود لقيام الإنسان بالإجهاز على ذاته.
وأوضح دقدوقي للجزيرة نت أن عوامل الخطر المركزية في إسرائيل تشمل تعاطي المخدرات والكحول، والاعتداءات الجسدية لمدة طويلة والاعتداءات الجنسية في الطفولة والعزلة الاجتماعية.
ولفت أيضا إلى أن الأمراض الجسدية خاصة المسببة لأوجاع وإعاقات تفاقم مخاطر الاندفاع نحو الانتحار، كما يؤكد دور الخلفية الاقتصادية وخيبات الأمل العاطفية والتربية المتزمتة جدا ومطالبة الأهل بإلحاح للابن بإنجازات وعطاء غير منقطع دون مراعاة إمكانياته.
وذكر أن متغيرات أخرى كالفقر والبطالة وتفاقم الفوارق الطبقية داخل المجتمع الإسرائيلي وفقدان شخص عزيز وأخرى غير معروفة، تعد عوامل خطر تؤثر على الأشخاص الحساسين المعرضين للقيام بإيذاء النفس.
وشدد دقدوقي على أن الأوضاع السياسية المأزومة وفقدان الأمن يشكل أحد أسباب تزايد الانتحار في إسرائيل رغم كونه عاملا غير مركزي لأن الأبحاث تظهر أن نسبة الانتحار المرتفعة في العالم تسجل في الدول الأكثر رخاء أيضا.
وذكر دقدوقي أن اتساع الظاهرة في إسرائيل سببه عوامل اضطراب نفسي على المستوى الشخصي، موضحا أنها مرتبطة بهوية الفرد لا بالمجتمع، مشيرا إلى أنها تبقى قضية شخصية مرتبطة بمدى الرضا عن الذات وبالناحية العاطفية والنفسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق