هل تعرف كارثة “بُوبَال” بالهند؟…
سؤال للمصابين بداء القابلية للجهل
الخميس 30 ذي الحجة 1430 , 17 ديسمبر 2009
د. محمد بن موسى باباعمي
ـــــــــــــــــــــــ
لو طرحت سؤالا على العالَمين: من يعرف منكم أحداث 11 سبتمبر؟،
لكان سؤالي غبيا لا معنى له، ولاعتُبرت متخلفا وجاهلا بأحداث هذا العصر “المعلوماتي” “العولمي”..
لكن، لو سألتُ قومي وجموع العالِمين: مَن منكم يعرف كارثة “بوبال “(Bhopal)”؟
لقيل لي: طبعا لا؛ لا نعرف أين تقع “بوبال”، ولا نعرف شيئا عما تمسيه “كارثة بوبال”، فقد تكون على منوال كوارث وأحداث البلاد المتخلفة، والتي عهدناها وألفناها…
وعند مَن ابتليَ باللفظية، وبالتلاعب بالكلمات بديلا عن الحقائق، قد نجد جوابا قاموسيا – عربيا طبعًا – يقول: إنِّ كلمة “بُوبَال” يمكن تفريعها إلى حرف جرٍّ “بِـ” وكلمة “وَبال”، ومن ثم فاسمها دال على حقيقتها؟¡
غير أنَّ النظر في هذا السؤال، وتحليل الأجوبة التي نتلقاها، كل أولئك يفسِّر كوننا “رهائن للإعلام الدوليِّ”، وأننا “نقول ما يقولون”، و”نهوِّل ما يهوِّلون”، و”نهوِّن ما يهوِّنون”. فنحن “بحمد الله” – ولا يحمد على مكروه سواه – عبَّاد “المعلومات المعلَّبة”، وهُواة “الأخبار الفوتوغرافية المتلقية”. أمَّا المعرفة التحليلية “الأصيلة” (original) فما لنا ولها، إنها لأصحاب العقول الذكية، ولأرباب النفوس الكبيرة؟
وهنا يصدق حقا فينا نحن (أغلب المنسوبين إلى الإسلام اليومَ، وجميع المتخلفين أمثالنا)، قول الرسول الكريم عليه السلام، الذي رواه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: “(لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر، وذراعا بذراع، حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه). قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: (فمن).”
ومن عجب أنَّ الحديث قال: “اليهود والنصارى”، ولم يقل: “اليهود أو النصارى”، ولا “اليهود – فقط-” أو “النصارى – فقط-”؛ ولا نجد وصفا للنظام العالمي وللعولمة وللامبريالية الشاملة أكثر من: تلاحم يهودي-مسيحي، لم يعرف التاريخ مثيلا له منذ فجره.
فهل نحن أمام هيمنة مسيحية اتخذت اليهود “جماعة وظيفية”، بناء على النموذج التفسيري للمسيري؟
أم نحن أمام “عصر اليهود”، والآخرون دمى بأيديهم، بناء على أطروحة “يوري سليزكين”، وهو في ذلك يقول: “العصر الحديث هو عصر اليهود، والقرن العشرين كله هو قرن اليهود… باختصار التطور يعني أننا كلنا جميعا صرنا يهودا بشكل أو بآخر” ( Le siècle juif Yuri Slezkine)
أخي، لنعمل على استعادة وعينا، ولنعلم أنَّ – الخريطة ليست هي الموقع – كما يقول البعض؛ وأنَّ ما يقع في العالَم ليس هو ما نسمعه عبر الراديو ونشاهده عبر التلفزيون ونقرأه عبر الجرائد والمجلات والمواقع؛ بل الغالب أنَّ الحقيقة الصادقة تخفى عنَّا - لجهلنا طبعا – لا لقوَّة عدوِّنا فقط، وهنا أستعير مصطلحا من مفكر تعرفونه، وأقول: أصِبنا بِداء القابلية للجهل، قبل أن نُبتلى بالقابلية للاستعمار، فالأوَّل مقدِّمة والثاني خاتمة، الأوَّل سبب والثاني نتيجة…
فباختصار شديد، أروي جهلي قبل أن أفيد قارئي،
وأقول على شاكلة التلغراف قديما،
في انتظار تحليل أوسع وأعمق منا جميعا…
فأقول:
الزمان: 2-3 ديسمبر 1984
المكان: “بوبال” (bhopal)
عاصمة إقليم “ماديا براديش”(Madhya Pradesh)
الكارثة: تسرب غاز من مصنع أمريكي-هندي
النتيجة: مقتل حوالي 25 ألف مسلم
(رجالا، ونساء، وأطفالا)، والموت البطيء لا يزال يحصد ما أغفلته يد الإمبريالية الغربية المتواطئة مع الحكومة الذيل.
الحقيقة: أننا نجهل كل شيء عن هذه الكارثة، والله المستعان.
الطلب: مواصلة البحث، وفتح الآفاق، والسعي لإغاثة من يمكن إغاثته،
والدعاء لهم، والاجتهاد في التمكين، وخوض معركة الوعي،
والعمل على إنشاء منظومة معرفية رشيدة…
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق