مرحبا

لا لجدار العار جدار الذل

ادخل وشارك برايك وقل لا لجدار العار جدار الذل

خدمات الموقع

HELP AQSA

break

الجمعة، 25 ديسمبر 2009

تفكيك باكستان

تفكيك باكستان
تاريخ النشر : 02/11/2009 - 09:17 م

التشجيع الأمريكي الذي يصل إلى حد التصفيق للسلطات الباكستانية على ما تقوم به فى إقليم وزيرستان الباكستاني الحدودي مع أفغانستان لمطاردة ما يسمى بحركة طالبان باكستان يلقي بعلامات استفهام كبيرة حول هذه الحرب ولمصلحة من يخوضها الجيش الباكستاني ؟ لأنها ـ كما يشير كثير من المراقبين ـ يمكن أن تتحول فى النهاية إلى مستنقع يستنزف الجيش ويستنزف الدولة الباكستانية التي تعاني من صعوبات مالية بالغة كادت توصلها فى العام الماضي إلى حافة الإفلاس، فوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أشادت حينما وصلت إلى باكستان فى 28 من أكتوبر الماضي بما تقوم به باكستان فى وزيرستان وقبلها بثلاثة أيام أعلن المبعوث الأمريكي إلى أفغانستان وباكستان ريتشارد هولبروك عن إعجابه الشديد بطريقة الحل الباكستانية، وقبلها قام الجنرال بتريوس قائد القيادة المشتركة بزيارة للجيش الباكستاني والقوات التى تشارك فى معارك وزيرستان، هذه الإشادة والأهتمام الأمريكي يطرح تساؤلات عديدة حول هذه الحرب التى وصفها كثير من المراقبين وعلى رأسهم الجنرال محمد أسد دوراني الرئيس الأسبق للمخابرات العسكرية الباكستانية فى حوار أجريته معه على أنها " حرب أهلية " ففي النهاية هناك ثلاثون ألف جندي باكستاني يدخلون فى معركة ضد عشرة آلاف باكستاني آخرين ـ هو عدد مقاتلي طالبان باكستان حسب كثير من التقديرات ـ في منطقة جبلية وعرة هي وزيرستان هذه المنطقة ذات التضاريس الجبلية المخيفة، سبق أن فشلت الإمبراطورية البريطانية إبان الأحتلال البريطاني لشبه القارة الهندية وطوال الفترة بين عامي 1860 وحتى 1945 في إخضاعها أو السيطرة عليها، كما أن الدولة الباكستانية لم تكن تخضع هذه المناطق لنفوذها عبر السيطرة العسكرية عليها ولكن عبر ولاء القبائل وقادتها لها، كذلك فشلت الإمبراطورية السوفييتية إبان الأحتلال السوفييتي لأفغانستان بين عامي 1979 و1990 من إخضاع الامتداد الجغرافي لهذه المنطقة الذي يقع داخل أفانستان، وتحقق القوات الأمريكية وقوات الناتو فشلا ذريعا أيضا منذ احتلالها أفغانستان عام 2001 للسيطرة على المناطق المحاذية، ومن ثم فإن غياب هذه الحقائق عن الجيش الباكستاني ـ إن كانت غائبة ـ يعني دخوله فى حرب استنزاف طويلة سوف تذهب بقوته فى معركة لا طائل من ورائها سوى أن أمريكا تصفق لمن يقومون بها طالما أن الدماء التى تسفك والأموال التي تنفق والجيش الذي يستنزف والأهالي الذين يشردون هم باكستانيون .

ورغم محاولة السياسيين الباكستانيين والعسكر كذلك إخفاء الدور الأمريكي فى هذه الحرب، والتأكيد على أنها حرب باكستانية خالصة إلا أن صحيفة " نيويورك تايمز " الأمريكية نشرت تقريرا فى 29 أكتوبر الماضي أكدت فيه على أن الولايات المتحدة دفعت مئات الملايين من الدولارات في سبيل تسليح القوات الباكستانية وتجهيزها خلال الأشهر الأخيرة، وأكدت الصحيفة على العلاقات المعقدة بين باكستان والولايات المتحدة جعلت الطرفين يحبذان عدم الإعلان عن هذه المساعدات بسبب مشاعر العداء المناهضة للولايات المتحدة فى باكستان، هذا في الوقت الذي لازالت فيه المفاوضات بشأن المساعدات السنوية البالغة مليارا ونصف المليار دولار تتعقد بسبب الشروط التى تريد الولايا ت المتحدة فرضها والتى تصل إلى حد انتهاك سيادة باكستان وجيشها .

لقد حاولت الولايات المتحدة على مدى العقود الماضية أن تخترق المؤسسة العسكرية الباكستانية لكنها كانت تواجه صعوبات بالغة بسبب الاستقلالية والدعم الذي كانت تتمتع به هذه المؤسسة منذ عهد الرئيس ضياء الحق، لكن يبدو أنها نجحت بعد قتل ضياء الحق في أن تجد فرصة لتحقيق مساعيها، لكنها كانت تواجه كثيرا من العقبات، رغم رضوخ السياسيين بل وتوافدهم على واشنطن للمبالغة فى تقديم الولاء من أ جل أن ترضى عنهم، ولم يعد أمام الولايات المتحدة التى ترى أن الجيش الباكستاني بعد تدمير الجيش العراقي هو أقوى جيش مسلم يمكن أن يشكل قوة غير خاضعة للسياسة الأمريكية وهيمنتها على دول المنطقة، حيث دُمِّرَ جيش العراق، وحيدت جيوش الدول العربية الأخرى الكبرى وعلى رأسها مصر وأصبحت لا تشكل أي تهديد للولايات المتحدة ومصالحها وحليفتها إسرائيل ، ولم يعد هناك سوى الجيش الباكستاني الذي يملك أقوى سلاح ردع وهو السلاح النووي، ومن ثم فإن سيناريو إدخال هذا الجيش فى معركة لا نهاية لها تستنزف طاقاته وقدراته المالية وتنهك قيادته علاوة على إجهاض باكستان ماليا أكثر مما هي عليه يتيح المجال من خلال المفاوضات القائمة الآن بين السياسيين الباكستانيين المشهورين بالفساد وبين الإدارة الأمريكية لإخضاع الجيش الباكستاني لما تريده الولايات المتحدة من التدخل فى تعيين القيادات وتقنين المصروفات والنفقات وتحدد توجهاتها مما يعني الوصاية على الجيش الذي يواجه خطرا داهما من الهند التى سبق أن خاض جيشها مع الجيش الباكستاني أكثر من معركة كان آخرها معركة العام 1971 تلك التى أدت إلى انفصال بنجلاديش التى كانت تسمى باكستان الشرقية حتى ذلك التاريخ عن باكستان .

الأمر الأكثر خطورة من ذلك هو أن باكستان تعاني من حركات انفصالية فى بلوشستان ومناطق أخرى عديدة وهذه الحرب يمكن أن تكون مقدمة لتشجيع الحركات الانفصالية لتصعيد مطالبها ومن ثم زيادة القلاقل والاضطرابات وفقدان سيطرة الدولة على أطرافها مما يمهد لفرض الوصاية أو الهيمنة الدولية على السلاح النووي الباكستاني الذي يعتبر الهدف الأساسي من كل ما يدور حسب بعض المراقبين، وهذا هو الطريق الوحيد لتفكيكه أو تدميره أو الاستيلاء عليه، لن يكون الأمر سهلا دون شك لكن هذا السيناريو قد يكون الهدف الأساسي من وراء كل ما يحدث ..

ورغم أن كثيرين يستبعدون أن تصل باكستان إلى حد التفكيك إلا أن ما حدث عام 1947 و1971 يؤكد أنه لايوجد شيء مستبعد على الإطلاق وأن سياسية التفكيك قد تكون الطريق للسيطرة على سلاح باكستان النووي .

ليست هناك تعليقات: