حماس.. النشأة والتكوين والمسيرة..وائل الحديني |
15/12/2009 *وائل الحديتي
ستظل الكاسات تدور هذا زمن الِري أطفِئ في أمعائك نارَ العطش التاريخي الساعة تشرب في بيتي الساعة تمضغ أعصابي تصنع لي موتي لكنَّ غدًا يومٌ آخر *** ستظل الكاسات تدور وسيظل الزمن المطعون يدور بيتي قد يصبح بيتَك! موتي غدًا يصنع موتَك!
الأبيات للأستاذ/ محمد راضي صدوق، حينما داهم الاحتلال الصهيوني بيت عائلته في طولكرم بعد هزيمة 1967م، وطردوهم بالقوة، وأخذوا يحتسون الخمرَ على أوراقه وكتبه.
لكن الأمور لم تَسِرْ على نفس الوتيرة التي تمنَّاها الكاتب؛ فعلى مستوى الخارج ربما سقطت كلمة "العودة" من القاموس الفلسطيني!! وفي الداخل نشأت حالةٌ من ضياع الهوية، وانطفأت جذوة المقاومة سريعًا، وخُلّقت قياداتٌ من رحم الثورة تُمسك بتلابيب الأمور، لكنها مستعدةٌ للمقايضة في أية لحظة!.
لم تكن الأوضاع في غزة تحديدًا بعيدةً عن عين المحتل؛ فباعتقاد الشيخ أحمد ياسين (كانت "إسرائيل" تعرف أن هناك تقسيماتٍ، وكانت تترك الكل ينمو بطريقته الخاصة حتى تأتي الساعة التي تقوم فيها بضربهم بعضًا ببعض).
حماس.. النشأة والتكوين لم يكن الشهر الأخير من عام 1987م هو البداية الفعلية لنشأة حركة المقاومة الإسلامية حماس كما يعتقد الكثيرون، وإنما التوقيت كان مجرد إشهارٍ لكيانٍ موجودٍ بالفعل منذ سنوات يحمل أفكارًا وتصوراتٍ ربما لم تتغير في غمار التجربة.
كان قطاع غزة يشهد حربًا شرسةً بين اليسار و"فتح" لا تتناسب مع حقيقة أن الأرض خاضعةٌ للاحتلال، كان الكل يريد أن يصنع شرعيةً ويؤصِّل لدورٍ قياديٍّ ولو بالدم، كان القطاع مرتعًا للعملاء.
في تلك الأثناء تناقصت المجموعة التي جمعها الشيخ "ياسين" من ثلاثةٍ إلى اثنين، ثم إلى واحد، ثم إلى الصفر؛ فقد غادروا إلى الخارج تباعًا، لكنِّ ذلك لم يُعِقْ الشيخ عن المحاولة مجددًا، كان يجمع عددًا من الأفراد دون الخمسة، وينظمهم في أسرةٍ تتدارس منهجًا تربويًّا يوصل إلى فكرةٍ واحدةٍ: "نحن فلسطينيون، ونحن مسلمون.. نريد أن يكون الإسلام نظامًا في الحياة، وأن نحرر وطننا من المحتل".
أصبح التجمع تيارًا يمثله المجمع الإسلامي في غزة، وفي عام 1981م، اشتروا أول قطعة سلاحٍ، وبدأوا في قنص جنود الاحتلال والعملاء، لكن سرعان ما أُجْهِضَت المحاولة، واكتُشِفَت الخلية العسكرية الأولى، واعتُقِلَ الشيخ في 1984م، وصدر ضده حكمٌ بالسجن 13 عامًا بعد أن اعترف بالإعداد للجهاد لإسقاط دولة "إسرائيل" وإقامة دولةٍ إسلاميةٍ مكانها.
ثم خرج الشيخ عام 1985م، في صفقةٍ للجبهة الشعبية برعاية أحد أفرادها الذين اقتنعوا بفكرته داخل السجن، ورغم بقائه بعيدًا عن قيادة الحركة الإسلامية لمدة عام بقي مسئولاً عن التنظيم العسكري للحركة.
في ديسمبر عام 1987م دهس "إسرائيليٌّ" بمقطورته عددًا من العمَّال الفلسطينيين متعمِّدًا، فقتل منهم 4، فثار الفلسطينيون، واندلعت الانتفاضة، وقرَّرت القيادات الإسلامية نقل المواجهة إلى الشارع، وصدر البيان الأول للانتفاضة يحمل توقيع حركة المقاومة الإسلامية حماس في 14/12/1987م.
مؤسسو الحركة الشيخ أحمد ياسين، د. عبد العزيز الرنتيسي، صلاح شحادة، الشيخ عبد الفتاح دخان، م. حسين نشار، د. إبراهيم اليازوري، محمد شمعة.
ومن غير المستغرب أن يُلقِيَ السيد إسماعيل هنية خطاب حماس في الذكرى 22 لتأسيسها، رغم أنه كان في ذلك التوقيت شابًّا يافعًا في منتصف العشرينات من عمره؛ فالحركة فقدت في العقد الأخير كوكبةً من شيوخها ومؤسسيها!!.
محطات مهمة في مسيرة حماس - 1989م: اعتُقِل الشيخ أحمد ياسين ومعه كل قيادات الحركة. - مع بداية التسعينيات أُطْلِقَ اسم "كتائب عز الدين القسام" على جهازها العسكري. - 1992م: تم إبعاد أكثر من 400 من قياديِّي الحركة إلى "مرج الزهور" بجنوب لبنان. - 1994م: جاءت السلطة الفلسطينية من الخارج إلى الضفة والقطاع؛ حيث أنجب تزاوج السلطة مع الاحتلال نوعًا شديدًا من الاستبداد. - 1996م: عُقِدَ مؤتمر شرم الشيخ لبحث السبل الكفيلة بالقضاء على المقاومة، وظهور مجموعةٍ من الفتاوى لكبار العلماء تندِّد بـ"حماس". - 1997م: الإفراج عن الشيخ أحمد ياسين بعد فشل محاولة الاعتداء على السيد خالد مشعل في الأردن باتفاقٍ رعاه الملك حسين. - 1999م: الأردن تُبعِد القيادات السياسية لحماس من أراضيها، وهم: موسى أبو مرزوق، وخالد مشعل، ومحمد نزال، وإبراهيم غوشة. - 2001م: بدأت الانتفاضة الثانية عقب زيارة شارون المشئومة للمسجد الأقصى. - 2002م: استشهاد صلاح شحادة مؤسس الكتائب وواحد من أهم القيادات العسكرية في العقدَين الأخيرَين. - 2003م: استشهاد د. إبراهيم المقادمة العقْل المدبِّر للكتائب، ومن بعده إسماعيل أبو شنب الرجل الثاني في الحركة. - 2004م: استشهاد الشيخ أحمد ياسين، ومن بعده د. الرنتيسي. - 2006م: حماس تنتقل من طور الحركة إلى طور الدولة بفوزها في الانتخابات المحلية والتشريعية وتشكيلها للحكومة. - مايو 2007م: حماس تُطيح بالأجهزة الأمنية المرتبطة بـ"فتح"، وتُحبط محاولة الانقلاب على شرعيتها لصالح الاحتلال، وإعلان "أبو مازن" حلَّ الحكومة من جانبٍ واحدٍ؛ مما أحدث انفصالاً واقعيًّا بين الضفة والقطاع. ـ ديسمبر 2008 شنت آلة الحرب الصهيونية الإجرامية حرب إبادة مفاجئة ضد القطاع مستخدمة قذائف الفوسفورالأبيض ، واليورانيوم المنضب ، لكن حماس خرجت بهيبتها من أرض المعركة . ـ يناير2009 إستشهاد د / نزار ريان ، ووزير الداخلية السيد / سعيد صيام . فى ديسمبر2009 خرج أكبر حشد يشهده القطاع للإحتفال بالحركة ، والتصويت على مشروعها المقاوم .
عبقرية حماس *حماس حركة واقعية تمتلك القدرة على الصبر والثبات أمام النوازل بفعل التجارب التي مرَّت بها، وليست لدى الحركة مطالبٌ آنيةٌ خاصةٌ أو قرارت معلبة للحظة الصدمة مثل: ـ إلقاء السلاح ، والوصول إلى تفهمات سريعة ، حينما كانت الحرب تشتد ، والحصار يقوى ، والموت يتربص بالقطاع حرقاً أو جوعاً . ـ تسليم السلاح مقابل تعهداتٍ بعدم الملاحقة . ـ إنجاز صفقة شاليط بدون تلبية كل المطالب كاملة . * كما تمتلك الجاهزية والإستعداد .
ـ عاش (مؤسس الحركة) الشيخ أحمد ياسين يقاوم الاحتلال بكلماتٍ حادَّةٍ تُصيب القلب وتلين الجبال حتى استُشهِد.. الإشكالية أن الكلمات التي تعبر عن حقائق كانت موجهةً لأفئدةٍ غليظةٍ فاقدةٍ للحياة، قُتِل الرجل مظلومًا، واختلطت أشلاؤه بتراب غزة، وسيبقى رجاله على العهد طالما بقيت فلسطين محتلةً.
تجمع حماس- بالإضافة إلى واقعية الطرح- نظافة اليد، ومشروعية الهدف، وحماسة الحركة، ووضوح الرؤية، والقدرة على الصمود والتحدِّي، وهي علاماتُ البقاء وإرهاصات الخلود.
تمثل حماس رأس الحربة للاتجاه المقاوم للمشروع الصهيوني، وتمثِّل أيضًا بقايا الكرامة العربية التي تلوثَّت بعناوين التطبيع والمفاوضات واللقاءات الحميمية.
تمثِّل حماس رصيد الجماهير المتعطشة لإذلال الاحتلال الذي لم ولن تُنسَى جرائمه، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يقف "ساركوزي" بجوار الكيان الصهيوني، ويعتبر إنشاءَه معجزةَ القرن، ويقف "بلير" ببلادةٍ أمام صلف "إسرائيل" ممتدحًا، ونقف نحن أمام المقاومة ببلاهةٍ نعدد السلبيات ونقذفها بالاعتراضات؟!
حينما أرصُد احتمالات الإخفاق والنجاح في مسيرة حماس على مدار 22عامًا أجدُها تجربةً ثريةً ربما لم يعتَرِها أي نقص أو إخفاقٌ .
ــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب مصري |
HELP AQSA
الجمعة، 18 ديسمبر 2009
حماس.. النشأة والتكوين والمسيرة..وائل الحديني
التسميات:
الحرب على الاسلام,
العالم بين يديك,
عبر من التاريخ,
فلسطين,
مقالات مختارة
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق