مرحبا

لا لجدار العار جدار الذل

ادخل وشارك برايك وقل لا لجدار العار جدار الذل

خدمات الموقع

HELP AQSA

break

الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

الحاج العزباوي: رأيت آيات الله في المعتقل

الحاج العزباوي: رأيت آيات الله في المعتقل

[20:22مكة المكرمة ] [01/12/2009]

محرر الموقع خلال الحوار مع الحاج محمد العزباوي

- اعتقلوني 16 عامًا عوضني الله عنها صحة وبركة ومال

- الإخوان سلفيون محافظون إصلاحيون في وقت واحد

- السجون في مصر أصبحت مفرخة لمحترفي الإجرام

حوار- أحمد الجندي:

ربما للمرة المليون... يطالع الشاويش وجه ذلك المسجون المكلف بحراسته أثناء ترحيله من طنطا إلى القاهرة، قبل أن يعيد قراءة وصفه الذي كتبه جهاز أمن الدولة في بطاقة الترحيلات إلى جانب اسمه: مسجون شديد الخطورة؛ وسؤال واحد يدور في ذهنه إن لم يكن ذلك الرجل من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف يكون الصحابة؟

الحاج محمد العزباوي

لا عجب فهو الشيخ الرباني الحاج محمد العزباوي، أحد النماذج الرفيعة التي قدمتها جماعة الإخوان المسلمين في التضحية والثبات وقوة الإيمان... والذي قضى نحو 16 عامًا من عمره خلف جدران معتقلات لم تَكسِر إرادته، وإنما ساعدته ليكون مربيًا من طراز فريد لأجيال وأجيال، بعد أن رأى الله حقًّا في كل محنة، كما أخبرنا بنفسه.

ولد محمد مندوه العزباوي في طنطا يوم 19 فبراير عام 1935م، وتخرج في معهد المعلمين عام 1954م، ليتم تعيينه مدرسًا ابتدائيًّا، وفي نفس العام التحق بكلية الآداب قسم التاريخ في الدراسات المسائية بسبب عمله مدرسًا في الصباح، وحصل على "الليسانس" بعد تسع سنوات عام 1963م بسبب اعتقاله، والتحق بعدها بالدراسات العليا وبمعهد الدراسات الإسلامية في نفس الوقت، ونجح في تمهيدي الماجستير سنة 1964م قبل أن يتم اعتقاله ثانية قبل الامتحان في معهد الدراسات الإسلامية والماجستير؛ ما منعه من دخول الامتحانات.

وهو أحد مؤسسي العمل الإخواني والإسلامي في محافظة الغربية، وأحد نواب كتلة الإخوان البرلمانية في الفترة من 2000 وحتى 2005م ممثلاً لدائرة طنطا، وهي الدائرة التي ترَشَّح عنها في انتخابات 2005م التشريعية، إلا أن التزوير الفاضح حال دون إثبات فوزه الكبير في تلك الانتخابات على منافسه أحمد شوبير.

اعتُقل الحاج العزباوي ضمن ما عرف بقضية "التنظيم الدولي" للإخوان، وأُفرج عنه قبل عيد الأضحي بأيام قليلة، (إخوان أون لاين) التقاه، وأجرى معه هذا الحديث الصحفي:

* بداية نود التعرف على تاريخك مع الإخوان والاعتقالات؟

** تعرفتُ على الإخوان وأنا في الثانية عشر من عمري، وكنت وقتها في الصف الأول الثانوي- وكان يسمى "التوجيهي" آنذاك- وبالتحديد في عام 1947م، واعتقلت 4 مرات حتى الآن، أولها كان في 26 يوليو سنة 1955م حيث حكم علي بالسجن لمدة 5 سنوات، وكان سني وقتها 20 سنة، وخرجت من السجن الحربي في 26 يوليو سنة 1960م، وبعد الخروج التقيت إخواني الذين كان محكومًا عليهم بـ5 سنوات، وكَوَّنَّا تنظيمًا اسمه "تنظيم الخمسات"، وبدأنا في ممارسة العمل الدعوي ثانية، والتقيت بعد ذلك الشيخ عبد الفتاح إسماعيل، وقمنا بجمع الإخوان غير المعتقلين والمُفرَج عنهم، وذلك قبل أن يتم القبض علينا عام 1965م في القضية التي أطلق عليها "تنظيم 65"، وحكم علي بالسجن لمدة 10 سنوات، وبعد أن ظللت في السجن الحربي لمدة 26 شهرًا تمَّ ترحيلنا إلى "سجن طره"، وظن الناس وقتها أنه لا خروج منه؛ حيث إنهم كانوا يكتبون لكل مسجون بطاقة عليها بياناته الشخصية، وتاريخ دخوله السجن، وتاريخ خروجه، ولكنهم كتبوا أمام خانة الخروج: يرحل إلى المعتقل؛ ولكن كان عندي أملٌ كبير في الله عزَّ وجلَّ، وخرجت من السجن بعد ذلك في 4 أبريل عام 1974م.

أما المرة الثالثة فكانت سنة 1992م في القضية المعروفة باسم "سلسبيل" ومكثت بالسجن 6 أشهر، والرابعة في القضية المسماة بـ"التنظيم الدولي"، وتم اعتقالي يوم 14 مايو 2009م ليُفرج عنا قبل أيام.

* صف لنا مشهد الاعتقال في القضية الأخيرة؟

** في الساعة الثانية صباحًا سمعنا طرقًا شديدًا على الأبواب، وفتحت الباب ليدخل أكثر من 20 رجل أمن مدجَّجِين بالسلاح، وعاثوا في البيت تفتيشًا، وأخذوا كل ما طالته أيديهم، حتى مصروف البيت حاولوا سرقته، فقلت لهم: هذا مصروف البيت فلو أخذتموه "هيأكلو منين"؟ فتركوه وأخذوا شيكًا بـ 100 ألف جنيه- كان قد استلفها أحد الأشخاص مني لأنه كان يبني بيته- قبل أن يقودوني إلى مقر أمن الدولة بطنطا، ومكثت فيه إلى الصباح حتى موعد ترحيلنا إلى نيابة أمن الدولة العليا بالتجمع الخامس، ومنها إلى "سجن المحكوم".

وكانت كل لحظة في الحجز أو الترحيلات تؤكد لي أن الإنسان في مصر لا قيمة له في ظل هذا النظام الحاكم، فبالرغم من كبر سني وما أعانيه من أمراض عديدة لم يراعِ أحد ذلك، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

تهمة مشرفة

* وكيف سارت التحقيقات في نيابة أمن الدولة؟

** كانت المفاجأة الكبرى لي حينما سمعت التهمة؛ وهي أنني مشترك في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وأني مسئول عن توجيه الجيل الثاني والثالث من أبناء وأحفاد المسلمين في أوروبا وأمريكا إلى دعوة الإخوان، وهذا الأمر شرف لا أدَّعيه، لذلك كان جوابي أني لا أسافر للخارج من الأصل، فكيف أوجِّه هؤلاء الشباب لدعوة الإخوان؟! هل كان التوجيه باللاسلكي؟!

الصورة غير متاحة

مظاهرات عدة خرجت نصرة لأهالي غزة

* ما الهدف الحقيقي من وجهة نظرك في تلفيق مثل هذه القضية؟

** هناك ثلاثة أمور وراء تلفيق هذه القضية: الأول هو رد على أحداث غزة أثناء العدوان الصهيوني عليها، وخروج جماهير المسلمين في كل أنحاء العالم بمظاهرات لنصرة إخوانهم، فهم يدَّعون بأن من كان وراء هذه المظاهرات هو التنظيم الدولي للإخوان، علمًا بأن هذه المظاهرات قد قام بها الكثير من غير المسلمين وقوفًا ضد الظلم.

أما الأمر الثاني: فهو تشويه صورة الإخوان المسلمين والإساءة لسمعتهم، وخلق موضوع يتسلل منه الإعلام الحكومي الفاسد؛ لكي يشن هجومًا على الإخوان ويتهمهم بالتهم الباطلة، مثل غسيل الأموال وغيرها، بهدف النيل من شعبيتهم الجارفة، وكذلك تخويف الناس من التبرع بأموالهم إلى الفلسطينيين من أجل تجفيف منابع التبرعات، وإحكام الحصار على المقاومة الفلسطينية بمنع توصيل أي إمدادات لها، سواء أكانت مادية أو معنوية.

أما الأمر الثالث: فهو استخدام القضية كورقة للضغط على حماس لإتمام المصالحة الفلسطينية، والموافقة على شروط عباس، وحتى تظهر الحكومة المصرية بمظهر طيب بصفتها راعية للمصالحة الفلسطينية، خصوصًا مع خسائرها السياسية الفادحة على الساحة العربية بعد تواطؤها مع الصهاينة في حرب غزة الأخيرة.

الصهاينة

* لمصلحة من يتم تلفيق مثل هذه التهم؟

** ما صاحب القضية من إغلاق شركات تعمل في العلن ووفق القوانين المصرية يضر بشكل مباشر بالاقتصاد المصري، ويزيد من البطالة حيث يتم تسريح عمالها، كما أنه ينفِّر المستثمرين من استثمار أموالهم في مصر، ويصب هذا العمل في مصلحة رجال الأعمال الاحتكاريين الذين يريدون إحكام قبضتهم على الاقتصاد المصري والتحكم في ثروات هذا البلد وتسخيرها لخدمة مصالحهم الشخصية.

كما أنه يخدم الصهاينة الذين يخشون من تقدم التيار الإسلامي في مصر، ولعلك تذكر الانتخابات البرلمانية السابقة عام 2005م عندما انتزع الإخوان عددًا من المقاعد في البرلمان وفزع الصهاينة، وهرولوا إلى الأمريكان، فكانت النتيجة التشديد الذي لا مثيل له، والتزوير في المرحلتين الثانية والثالثة لمنع وصول الإخوان إلى البرلمان.

مسئول العاطفة!

الصورة غير متاحة

* كيف كان حالكم في سجن "المحكوم" في ظل الأوضاع المخزية للسجون المصرية؟

** وضعونا في السجن مع المجرمين واللصوص وتجار المخدرات والقتلة، وكنا ننام على الأرض في زنزانة ضيقة، بالرغم من أنني أعاني من انزلاق غضروفي واعوجاج في العمود الفقري؛ نتيجة التعذيب في السجن الحربي قديمًا، هذا بالإضافة لما أعانيه من أمراض السكر والضغط وسرعة ضربات القلب، وأصبت في السجن هذه المرة بالتهاب في البروستاتا، وبالرغم من ذلك لو جاز لي أن أقول أنني رأيت الله عزَّ وجلَّ لقلت... نعم رأيتُ الله في رحماته، وفي الأمن النفسي الذي كان يتنزل علينا؛ فنشعر بالأمن والراحة بالرغم من تلك الزنازين الضيقة الكئيبة، نعم كنا نشعر أن الله معنا، ورحماته تتنزل علينا، وهى نعمة كبرى والحمد لله، ولعلك تعلم أن في هذه الزنازين الضيقة حفظنا القرآن الكريم، وألف الشهيد الأستاذ سيد قطب في ظلال القرآن، فالسعادة تنبع من الداخل وليس من الخارج، فقد قال الله: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمْ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾ (الأنعام: الآية 82).

وكنا نشعر بذلك ونفوِّض أمرنا لله، والحمد لله أنا أفضل من غيري كثيرًا، ولقد عوضني الله، فأنا أحسن حالاً من أقراني الذين لم يتعرضوا للابتلاء، سواء أكان صحيًّا أم نفسيًّا أم ماديًّا، وهذا من فضل الله علينا، وما من مرة أدخل فيها السجن إلا وأشعر بنعم الله علي، ولقد تزوجت وأنا في سن 41، وكنت لا أتصور أنني سأعيش حتى أرى أولادي يدخلون الجامعة، وهأنذا بين أحفادي، بالرغم من أن سني 75 سنة، فكل من يراني يظن أن عمري 60 سنة أو أقل، فلقد عوضني الله عن 15 سنة التي قضيتها في السجون ظلمًا بغير ذنب إلا أن أبلغ دين ربي.

* كيف كان برنامجكم داخل السجن؟

** كان لدينا برنامج داخل السجن، وكما قيل: يُثاب المرء رغم أنفه؛ فنحن لا نحب أن نعتقل، ولكننا أُجبرنا على ذلك؛ لأن الله تعالى أراد أن نثاب رغم أنفنا، ففي السجن يزداد الاتصال بالله سبحانه وتعالى، فكنا نواظب على تلاوة القرآن وحفظه، فمن يتصور أنه من الممكن أن يقرأ 8 أجزاء من كتاب الله في اليوم، وكنا نقوم الليل قبل الفجر بساعتين أو ثلاث ساعات، وكان لنا برنامج للتخلص من عيوب النفس والسلبيات السلوكية لكي يصبح كل منا إنسانًا أكثر صلاحًا وإصلاحًا.

وكنت مسئول قسم "التنمية العاطفية" في "سجن المحكوم" وهو قسم ابتكرناه للتخفيف عن الإخوان في السجن والترويح عنهم، وكنا نهتم فيه بكيفية تنمية الحب والصفاء وترطيب العلاقة بين الإخوان وبعضهم البعض، وبين الإخوان وأهليهم في الخارج، من خلال الهدايا والورود وخاصة بين الأزواج.

وانضم إلينا بعد فترة مجموعة طلاب من الإخوان؛ لأرى كيف تساعد الحكومة الإخوان على صناعة وتأهيل كوادر وقيادات جدد من الشباب في جماعة الإخوان المسلمين، فهؤلاء الطلاب سيصبحون بإذن الله رموزًا للإخوان في جامعاتهم وفي بلادهم.

مفرخة المجرمين

الصورة غير متاحة
* وماذا عن أوضاع المسجونين الجنائيين؟

** يجب أن يكون السجن للجنائيين تأديبًا وتهذيبًا وإصلاحًا، ولكن للأسف الشديد أنا أرى من خلال معايشتي للجنائيين داخل السجن أنه ليس كذلك؛ لأن المسجون الجنائي يُعامَل في السجن الآن معاملة غير إنسانية، ولا توجد أي برامج للإصلاح والتوعية والعلاج، فبدلاً من أن يدخل المسجون السجن بسلوك غير سوي ضارٍّ للمجتمع ويخرج منه إنسانًا سويًّا مؤهلاً نافعًا للمجمتع؛ أصبح يخرج مجرمًا محترفًا للإجرام أكثر إفسادًا مما كان عليه قبل السجن، فأصبح السجن بهذا الوضع مفرخةً لإنتاج المجرمين المحترفين.

وهذا ليس غريبًا على نظام يقلب الأوضاع، ويقول: إن "الإخوان المسلمين" محظورة، بالرغم من أن الشعب يلتفّ حولهم لصلاحهم، وتقديمهم الخدمات للشعب المصري وحمل همهم، وللأسف فهناك شرذمة قليلون يتحكمون في البلاد ويدعون لأنفسهم الشرعية؛ فإن كانوا صادقين فليجروا انتخابات نزيهة، وسيرون لمن تكون الشرعية ومن سيكون المحظور حينئذٍ.

وأذكر في الانتخابات البرلمانية الماضية عام 2005م جاءني أمين الحزب الوطني في محافظة الغربية، وأقسم لي بالله أنه أعطى صوته لمرشح الإخوان في دائرته، وهو النائب الأستاذ علي لبن، ولم يعطه مرشح الحزب الوطني، وهذه هي المرة الأولى التي أحكي فيها هذا، ولم أقله من قبل خوفًا عليه، وأحكيه الآن لأن الرجل قد مات يرحمه الله، فلا يستطيعون إيذاءه.

فهم صحيح

* أثناء اعتقالكم روجت الصحف شائعات حول الإخوان وقسمتهم لمحافظين وإصلاحيين؟

** بعض الناس يقسمون الإخوان المسلمين لمحافظين وإصلاحيين، بل وإلى سلفيين أيضًا، وأقول لهؤلاء: إن الإخوان المسلمين سلفيون محافظون إصلاحيون في وقت واحد، فنحن دعوة سلفية، كما أننا محافظون؛ لأن لنا ثوابتنا ومرجعيتنا الشرعية، وإصلاحيون نواكب العصر ونتطور وفق مرجعيتنا الشرعية، وهذه المفاهيم يتوارثها كل جيل عن الذي قبله؛ حتى يبدأ من حيث انتهى الآخرون، فالشخص الواحد منا سلفي محافظ إصلاحي في نفس الوقت، فدعوة الإخوان دعوة شاملة.

http://www.ikhwanonline.com/Article.asp?ArtID=57180&SecID=270

ليست هناك تعليقات: